/صفحة 343/
وسورة الانفال نزلت بمناسبة غزوة بدر، ولذلك سماها بعض الصحابة "سورة بدر".
ومن المعلوم في تاريخ الغزوات أن غزوة بدر كانت في رمضان من السنة الثانية للهجرة، وكانت هي الجولة الأولى من جولات الحق في تقليم أظافر الباطل ورد البغى والطغيان، وإنقاد المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، الذين قعد بهم الضعف في مكة، وجعلوا يضرعون إلى الله قاتلين
"ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، وأجعل لنا من لدنك وليا. وأجعل لنا من لدنك نصيراً" فاستجاب الله لضراعتهم، وهيأ لهم كما هيأ لكلمة الحق 7 ولتخليص بيته من سلطان أعداء الله ـ هيأ ظروف تلك الغزوة التي تم فيها النصر للمؤمنين، على قلة في عددهم وضعف في عددهم. وعلى عدم تهيؤهم للقتال، وبها عرف أنصار الباطل أنه مهما طال أمده ولمع برقة، وامتد سلطانه، وقويت شوكته، فلا بدله من يوم يخر فيه صريعاً أمام روعة الحق وقوة الإيمان، وهكذا كانت غزوة بدر، كانت نصراً للمؤمنين وهزيمة للمشركين، وكانت في الوقت نفسه حافزة للقلوب الحية المؤمنة أن يجد سيرها في طريق الهدى والرشاد، وقاطعة للأمل على ذوى القلوب المريضة أن يستمر لهم سلطان أو تعلو لهم كلمة أو تثبت لهم قدم.
وقد كان للمسلمين في تلك الغزوة شئون.
كان لهم في أولها حينما طلب إليهم الرسول أن يخرجوا لمصادرة العير القرشية شأن، هو: أيخرجون إطاعة للرسول. أولا يخرجون حرصاً على أموالهم في المدينة؟
وكان لهم بعد أن خرجوا ووجدوا العير قد مرت وفاتهم أن يحصلوا عليها، شأن، هو: أيستجيبون للرسول ويقاتلون قوى الشرك التي تكتلت وخرجت من مكة لقاتلهم، أو يرجعون لأنهم لم يخرجوا فيما يظنون للقتال ولم يستعدوا للنضال؟