/صفحة 442/
المكية في القرآن: الأنعام، والأعراف، ثم جاءت سورتنا هذهى: "الأنفال" وتلتها سورة التوبة وهما مدنيتان.
ومن المعلوم أن المكى، وهو ما نزل قبل الهجرة، يتضمن أصول الدعوة، وهي قضايا التوحيد، والوحى، والبعث، كما يتضمن الإرشاد إلى أمهات الأخلاق الفاضلة، وفي سبيل ذلك يعنى المكى بتوجيه الأنظار إلى أدلة القضايا الثلاث ويناقش حجج المشركين فيها بما لا يدع شبهة لمشرك في إشراكه ولا لمنكر
البعث في إنكاره، ولا لمعرض عن تصديق الرسول في إعراضه.
والمكى بعد هذا يعرض كثيرا لقصص الأولين، ونتائج تكذيبهم لرسلهم; أخذا بالقوم إلى مواضع العظة والعبرة، وتبصيرا لهم بأمر من وقفوا موقفهم، وعانوا معاناتهم.
نرى ذلك في سورتى الأنعام والأعراف وفي كثير غيرهما من السور التي نزلت قبل الهجرة.
أما السور المدنية فإنها قد عنيت فيما يتصل بالمخالفين بمجادلة أهل الكتاب الذين كانوا يحاورون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة، ويثيرون الشكوك والشبه فيما يختص برسالته، كما عنيت فيما يختص بالمؤمنين بتفصيل كثير من الأحكام التي ينظمون بها شئونهم الداخلية والخارجية.
وترى ذلك في سور: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة. وما شاركها في النزول بعد الهجرة.
وقد جاءت سورتا الأنفال والتوبة تعالجان بعض النواحى الحربية التي ظهرت إثر بعض الغزوات، وتضمنتا كثيراً من التشريعات الحربية، والإشارات التي يجب على المؤمنين اتباعها فيما بينهم، بعضهم وبعض، وفيما بينهم وبين المحاربين والمسلمين.
* * *