/صفحة 34 /
وخبرة بالشئون، يقومون بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ويتولون تقويم ما اعوج من ال مور، وهؤلاء يؤيدون السلطان إذا عدل، ويقومونه إذا انحرف، وقد أوجب الله قيام هذه الطائفة بقوله: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". وقد بين قيمة هذه الوظيفة وأهميتها في ال مة، وأنها إذا ضيعت استحقت الأمه اللعن والطرد في قوله تعالى: "لعن الذين كفروا من بنى اسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون". وبين أيضاًأن سعادة الأمة ونعميها في إقامة هذه الوظيفة، وشقاءها وعقابها في تضييعها. روى حذيفة عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: "والذي نفسى بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباًمنه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم". ولما في إقامة هذه الوظيفة من الخير، وفي تركها من الشر كانت جهاداً، بل من أعظم الجهاد. روى أبوسعيد الخدزى رضى الله عنه عن انبى صلى الله ووآله وسلم قال: "أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر". ومن استقراء ما ورد في هذا الباب بعلم أن الشريعة الإسلامية تريد أن يكون للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر قوة تضطر السلطان إلى أن يكون داخل حدود الله. روى ابن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن أول ما دخل التلقى على بنى اسرائيل أنه كان الرجل فيقول ياهذا اتق الله ودع ماتصنع، فإنه لايحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال: "لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون، ترى كثيراًيقولون