/صفحة 33 /
وقد زاد بعض الفلاسفة فقالوا: أنه يجب أن يكون العامل صديق العامل في جميع الدول، وأن يكونوا ألبا واحداً على الرأسماليين حتى يتم الظفر الأخير للكادحين والفقراء والمعوزين. قلنا: أن هذا طريق من الطرق، فيه تمزيق الأمة إلى طوائف يعادى بعضها بعضا، وإلى سيع تتغالب وتتناحر، فإن قيل: أن الطريق الثاني هو الطريق الطبيعى، لأنه مبنى على مبدأ المقاومة، وقد أشار إليه الإسلام وأقره في قوله: "ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض". قلنا: ؤن الطريق الأول صحيح أيضا وطبيعى، وهو مبنى على مبدأ المقاومة أيضاً، فقد أراد الإسلام أن تكون القوة في جانب مبادئه لتغالب النزاعات المخالفة، وقدكان الأمر كذلك في زمن الخلفاء الراشدين، فقد كانت قوة السلطان مع المبادىء الإسلامية، ولماانحرف السلطان عن أصول المبادىء الإسلامية في زمن بنى أمية والعباسيين والملوك الذينبعدهم ضعفت المبادىء الإسلامية الاجتماعية والاقتصادية ومنها المساواة. وهذا يسلمنا إلى اعتراض آخر قوى، كيف تحرس الذئب على الغنم، أو كما يقول المثل العامى: كيف تعطى القط مفاتيح البن. أن الحكام قد ينتفعون بإبطال هذه المبادىء، لاسيما إذا كانت توجب عليهم حقاً فيبطلونها، وأنت قد اعترفت بهذا في ملوك بنى أمية ومن بعدهم، فقد قلت لما انحرف السلطان عن المبادىء الإسلامية ضعفت هذه المبادىء، فقد ترك الإسلام لضمير الرعاة الدينى، فإن قوى حكم بالعدل، وإن ضعف جار وظلم، وأضاع المبادىء الاءسلامية التي جاءت بالقسط، والأمراءوالحكام بشر من البشر، يعتريهم الطمع والجشع، والحب والبغض، والرضا والسخط، وقد يعترى ضميرهم الدينى الضعف والقوة، بل هو عرضة للزوال فتسلم المبادىء الإسلامية إلى حارس غير أمين، وأصدق شاهد على ذلك التاريخ. وجوابنا عن هذا أن الإسلام لم يسلم السلطات كلها للملوك والأمراء، بل جعل سلطة عليا هي سلطة أولى الأمر، وأولوا الأمر هم قوم من الأمة لهم علم بالأمور،