/صفحة 327/
لا أحبك أبداً، فقال طليحة: يا أمير المومنين، ماتهم من رجلين كرّمهما الله بيدى ولم يهنى بأيديهما؟!
فإننا نجد الفرق واضحاً بين معرضته وعبارته أمام سيدنا عمر، هذه كلمة فيها روح أمكن بها الرجل أن يؤثر على عمر ـ وهو من هوـ
أو جزوأثّر، وذكّر عمر بأن الرجلين ذهبا إلى الجنة فأكرمها الله على يدى طليحة، وهو ـ أعنى طليحة ـ يأمل أن يدخلها، ولو قتلاه لمات على الكفر، بل على أقبح الكفر، وأى شيء أحب إلى عمر من أن تكون الجنة نصيب عكاشة وثابت، وأن يسلم طليحة بعد كفرته الصلعاء!
على أن في نص الطبرى ما يؤكد افتعال هذه المعارضة، فسهل بن يوسف لا نعرف عنه شيئاً. وقد روى عن رجل، رجل مجهول، وصدر روايتة بقوله "زعم" على أن في العبارة مخالفة نحوية فالصرد مفرد، وجمعه صردان، وفي ضمن ضمير الجمع، فكيف عاد على المفرد ثم لماذا التزم طليحة القسم بهذه الطيور الصغيرة، على أمر عظيم؟!
والمعارضة الثانية لمسيلة، فيها تكرار لا مبرر له، فقد أقسم بالشاء وألوانها ثم بالشاء السوداء، وكذلك أقسم الألبان ثم باللبن الأبيض، وربما تحذلق بعض العارفين فقال، أن القس بالشاة السوداء تخصيص بعد تعميم، وكذلك اللبن الأبيض، ولو عجبت من وصف اللبن بالأبيض لقال لك من يجد لكل سؤال جواباً أنه نعت كاشف، ولكن للتخصيص بعد التعميم في كلام العرب الصميم مغزى، وللنعت الكاشف سر، ولا أرى هنا مغزى ولا سرا.
أما الكلمة الأخيرة فهى أشبه بأن تكون موضع الفكاهة، أو مركز الدائرة من السورة! فما خطب المجمع؟ وكيف عزف قوم مسيلمة عنه وتركوه؟ حتى جعل يتعجب في حسرة من تركههم أياه، ويقسم بأشد الأيمان غلظا على أنه لا عيب