/صفحة 321 /
ثانيها ما نقل أيضاً عن ابن عباس في أحد قوليه: أنه كان فيما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله من أنه دخل المسجد الحرام ونقل الرؤيا لأصحابه وعنده المشركون وصار هذا فتنة لبعض أصحابه حتى سأل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية وقال له قد أخبرتنا أنا ندخل المسجد الحرام آمنين وأجابه بقوله أو قلت لكم إنكم تدخلونه العام? فقالوا لا.
ثالثها أنه رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه أن قروداً تصعد على منبره وتنزل فساءه ذلك واغتنم ولم يستجمع بعد ذلك ضاحكاً حتى مات صلى الله عليه وآله وسلم، وفسر القرود والشجرة الملعونة في القرآن ببني أمية وما أصدق هذه الرؤيا على أمثال يزيد بن معاوية الماجن شريب الخمور قاتل الحسين السبط عليه السلام ومسيح المدينة لجند مسلم بن عقبه وهادم الكعبة على ابن الزبير، ويزيد بن عبد الملك عشيق حبابة الوالبية وأمثال هؤلاء ممن يتبرأ القرود من أفعالهم وأعمالهم، فالآية التي هذه تفاسيرها واحتمالاتها لا تعارض سائر الآيات الواضحة الإسرائية ولا يمكن المصير إلى أن الإسراء كان بالروح ولا يصح تسمية الإسراء والمعراج بالرؤيا الإسرائية.
وأما استدلالكم بحديث السيدة عائشة فمخدوش بتعارضه مع حديث آخر منقول عنها. قال مسروق سألت عائشة عن ذلك (أي رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم) ربه، فقالت إنك لتقول قولاً يقف شعري منه، قال مسروق: قلت رويداً يا أم المؤمنين، وقرأت عليها (والنجم إذا هوى) حتى أنتهيت إلى قوله (قاب قوسين أو أدنى) فقالت رويداً أنى يذهب بك إنّما رآى جبرائيل في صورته. من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربه فقد كذب والله لا تدركه الأبصار، ومن حدثك أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله يعلم الخمس من الغيب فقد كذب والله تعالى يقول إن الله عنده علم الساعة إلى آخره ومن حدثك أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم كتم شيئاً من الوحي فقد كذب والله تعالى يقول (بلغ ما أنزل إليك من ربك) ولقد بين الله سبحانه ما رآه النبي بياناً شافياً فقال (لقد رأى من آيات ربه