/صفحة 319 /
وإن كان بعد الإسراء على رأي الجمهور فلم لم يرق في أعينهم مع أنه رقى قبله وكأنه إعتاده? ولم استعظمه?. ويلوح من عباراته المنيفة أن الإسراء إن كان معجزة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يعتقده الجمهور يجب أن يكون بعد اقتراح الناس كما كانت معجزات الأنبياء صلوات الله عليهم بعد اقتراح الناس عليهم.
هذه خلاصة استدلال الكاتب في تفسير الإسراء وتأويله بالرؤيا.
ورويداً رويداً نجيب عن ذلك.
أما الترديد بين تاريخ الاقتراح في أنه كان بعد الإسراء أو قبله فعلى كلا الوجهين لا ينافي الإسراء على مذهب الجمهور.
أولاً ـ لأن الرقي المقترح عليه صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن رقياً مطلقاً بل كان شرط إيمانهم بعد الرقي إلى السماء أن ينزل عليهم كتاباً يقرءونه وصرحوا بذلك والإنيان بالمعجز بعد الإقتراح يجري على يد النبي إذا رأى فيه فائدة في إيمانهم وأما إذا لم ير النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك ما يفيده في إيمانهم فيمكن أن ينزل عليهم العذاب ويستعجل لهم العقوبة، ولا يرضى بهذا نبي الرحمة.
وثانياً ـ أن الإتيان بالمعجزات من الأنبياء لم يكن من قبل أنفسهم بل كان بإذن من الله كما نطق به القرآن. وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله.
سورة الرعد آية 38. ولما أبطأ الوحي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقدر أن يتكلم بالقرآن حتى قالت قريش ودعه ربه وقلاه فجاءت الآيات. ما ودعك ربك وما قلى. ولما طلبوا منه على أن يتلو عليهم أخبار أصحاب الكهف وذي القرنين فوعدهم ولم يستثن فحبس عنه الوحي مدة حتى نزل. ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله سورة الكهف آية 22.
ويدل على المطلوب آيات: 21 سورة يونس، 12 سورة هود، 10 ـ 11 سورة إبراهيم. فعلى هذا عدم استجابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لإقتراحهم واستعظامه ما اقترحوه على بشر مثله لا ينافي الإسراء المعجز لأنه لم يكن بفعله إرادته بل كان بفعل الله وإذن منه وهذا خارج من طوره وقدرته، وإن يسر له عين ما اقترحوه قبل أو بعد.