/صفحة 318 /
الإسراء صريحة في السير بالروح والجسد ليلا كما يقول الشاعر:
وجهك بالعنبر والمسك الزكي أبيت أسرى وتيتين تدلكي
ولما أراد فضيلة الكاتب دام علاه أن يقرر دليل الجمهور كتب (ثم لا يرى بعضهم باساً في أن يقرب الإسراء والمعراج الجسديين لقياسه على ما حصل في عصرنا من الصعود في الجو بالطائرات). لا. أيها الكاتب الأستاذ لا نقرب الإسراء والمعراج الجسديين بالقياس من الصعود في الجو بالطائرات لأن هذا من صناعة البشر. ومعجزات الأنبياء صلوات الله عليهم من أفعال الله وفوق ذلك.
لماذا لا نقيس برفع ادريس والمسيح عليهما السلام وبما أعطاه الله لسليمان النبي عليه السلام كما نطق به القرآن المجيد واستعبد دام عزه أن يكون الإسراء بالجسد وكتب. (لأن قريشاً اقترحت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله مثل ما رآه الجمهور في الإسراء والمعراج في الآيات 90، 91، 92، من سورة الإسراء وفي آخر هذه الآيات أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله. (أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولا).
استعظم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقترحوا على بشر مثله ما اقترحوا ومنها أن يرقى في السماء.
فإن كان هذا الاقتراح قبل قصة الإسراء والمعراج فإنه يكون استجابة لاقتراحهم وهو ينافي الاستعظام على أنه كان الواجب أن يحصل على مشهد منهم كما اقترحوا لا أن يحصل في غيبتهم ثم يخروا به لأنه خلاف ما اقترحوه عليه وقد جاءت معجزات الأنبياء على وفق ما اقترح عليهم فليكن شأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله في ذلك كشأنهم.
وإن كان الإقتراح بعد قصة الإسراء والمعراج فكيف يستعظمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على بشر مثله وقد حصل له في هذه القصة على رأي الجمهور وحينئذ لا يكون استعظامه له مقبولاً على رأي الجمهور، سواء أكان قبل قصة الإسراء والمعراج أم كان بعدها مدى الاستدلال على رد رأي الجمهور: أنه إن كان اقتراح الرقي إلى السماء قبل الإسراء فيجب على النبي إراءة رقية وإسرائه، ويرقي في أعينهم ولا يستعظمه.