/صفحة 312 /
الفينة، يبث فيها كامن حزنه، وكامل إجلاله لجده الحسين بن علي رضي الله عنهما، وهو الأصل الذي انبثقت منه الدوحة الكبرى للعلويين.
وتعد هذه المراثي من أصدق شعره وأروعه، إن لم تكن أصدقه وأروعه:
ودوركم آل الرسول خلاء أأسقى نمير الماء ثم يلذ لي
كما شئتم في عيشة وأشاء وأنم كما شاء الشتات، ولستم
به إبل للغادرين وشاء تذادون عن ماء الفرات وكارع
كأنهم للبصرين ملاء تنشر منكم في القواء معاشر
وأدوى قلوباً ما لهن دواء ألا إن يوم الطف أدمى محاجراً
هذه اللوعة الصارخة تتبعها لوعة أخرى، وغضبة مدوية لآل البيت:
شريدهم ما حان منه ثواء وهل لي سلوان وآل محمد
ويزوي عطاء دونهم وحباء تصد عن الروحات أيدي مطيهم
ومن شعبه أو حزبه بعداء كأنهم نسل لغير محمد
ثم يفيض دمعه ويثور ما كان ساكناً من حزنه فيقول:
صباح على أخراكم ومساء دعوا قلبي المحزون فيكم يهيجه
تقاطرن من قلبي فهن دماء فليس دموعي من جفوني وإنما
وفي يوم (عاشوراء)، وهو اليوم المشئوم الذي شهد مصرع الحسين(1)، تعاوده الذكريات، التي يسجلها شعره في روائع الكلم؛ ويستعلن الحداد في قوله(2):

كان للدين عصيبا إن يوم الطف يوم
فالتزم فيه النحيبا إنه يوم نحيب
معشراً عطواً الجيوبا(3) عط تامورك واترك
رك لنا عاشور طيبا واهجر الطيب فلم يتـ

ــــــــــ
(1) كان مصرع الحسين في يوم عاشوراء سنة 61 وهو ابن 58 سنة.
(2) صنع هذه القصيدة سنة 429.
(3) العط: العشق. والتامور: القلب، أو حبه القلب.