/صفحة 310/
عليه التراب؛ لم يطاوعه قلبه، ولم يطاوعه شديد حبه لأخيه، ففرّ من كل أولئك إلى مشهد موسى بن جعفر، وتكفل بالصلاة عليه ودفنه الوزير فخر الملك.
وقد ذكر المرتضى هذا الوزير في هذه المرثية التي يستعلن فيها انكساره وضعفه، وحيرته القاتلة، وإظلام الدنيا في عينيه، وتراكم الهموم عليه في قسوة وعنف:
قدني اليك فقد أمنت شِماسي وكفيتَ منّي اليومَ صدقَ مراسي
ولقيتني متخشعا لا يرتجي نفعي ولا يخشَى العشيةَ باسي
أسرِي بلا هادٍ بكل مَضلّةٍ وأجوب مظلمةٍ بلا مقباس
وأزود عن قلبي الهموم كأنني أحمي أسود شري عن الأخياس
ويذكر أنه كان يخشى قديماً ذلك اليوم الذي يشهد فيه مصرع أخيه، وأن فجيعته به أفقدته الصبر والعزاء، ولم يستطع معهما المصابرة والمجالدة:
فحسوتها في بعض ما أنا حاس ما زلت أحذر وردها حتى أتت
صماء من جبل أشم رأس راديتها فلقيت منها صخرة
لم يثنها مطلي وطول مكاسي ومطلتها زمناً ولما صممت
دمعاً تحدر أفدت أنفاسي ومنعتها دمعي فلما لم تجد
ثم يأبى أن يترك فخره بأرومته الشريفة، واعتزازه بدوحته العريقة:
آل النبي حفائر الأرماس ومصيبة ولجت على سرج الهدى
ثلموا بجدع الأنف يوم عطاس ثلموا بها بعد التمام كأنما
ويسجل أن أخاه مات قصير العمر، إذ لم يتجاوز السابعة والأربعين:
ولرب عمر طال بالأرجلس وها لعمرك من قصير طاهر
ثم يذكر ما كان من وفاء فخر الملك، ومن نيابته عنه في القيام بحق أخيه الذي لم تمكنه رقة قلبه من أن يقوم به:
للفضل من نعماه لست بناس من مبلغ فخر الملوك بأنني