/صفحة 309/
ما لنا تجزع ولو أنه كا ن لحوشيت أن تكون جزوعا
قد شكرنا يداً تجافت عن الأصـ ـل وإن جَثت الغصون فروعا
وقوله:
والمصيبات لا يصبن سوى الأخـ ـيار منّا إذا ولجن الربوعا
وإذا لم يكن سوى الموت فالما ضى بطيئا كمن يموت سريعا
ويموت مؤدب ولده فيرى من الحق عليه أن يرثيه بقوله:
إن كان غيبك التراب الأحمر وحللت مرتا لا يزورك زوّرُ
فلقد جزعتُ على فراقك بعد ما ظنُّوا بأنّى عنك جهلاً أصبر
ثم ينساق في تيار الزهد والتصوف إذ يقول:
خذ بالبنان من الحياة فإنما هو عارض متكشف متحسِّر مبدّر ودع الكثير فانهما لهمومه جمع النضار إلى النضار منذر(1)
وكأنما ظل الحياة على الفتى ظل أتاه في الهجير مهجِّر
ثم ذكر أن حرمة الأدب تقوم مقام حرمة النسب، وأن أصله الأعجميّ لا يزرى به؛ فإن للأعاجم المثقفين فضلاً يعلو بهم على كثير من العرب الذين لم ينهلوا من معين العلم:
إن لم تكن من عنصري وأرومتي فلحرمة الآداب فينا عنصر
أو لم تكن للعرب فيك ولادة فالمعربون كلامَهم بك بصِّروا
ماضر شيئا مَن نَمته أعاجم ولديه آداب الأعارب تسطر
ولكم لنا عرب الأصول تراهم عميا عن الإعراب لم يستبصروا
ومن أشهر مراثيه رثاؤه لأخيه الرضى، وكان الرضى أصغر سنا منه بأربع سنوات، وقد جزع المرتضى لوفاته جزعاً شديداً، لم يستطع أن ينظر إلى أخيه في السياق، ولا محمولا على أعناق الرجال، أو يشهده وقد دلِّى في قبره وأهيل

ــــــــــ
(1) النضار: الذهب. والمبدر: الذي يجمع المال بدرا. والبدرة: مقدار من المال يوضع في كيس، قيل عشرة آلاف درهم، وقيل غير ذلك.