/صفحة 305/
بأن يؤتي بكومة حطب وتشعل فيها النار، ويؤتي بزوجة المتوفي، وتمد على هذه الكومة، وتظل كذلك حتى يقرب اللهب منها.
وقد ساد كذلك الاعتقاد في بلاد الهند أن الانتحار إذا قصد به التقريب إلى الله أو التضحية بالنفس في سبيله يصبح في ذاته عبادة دينية، على أن يتم في صورة من الصور التي تحددها التقاليد والعادات. ومن هذه الصور أن يصوم الشخص عن الطعام والشراب حتى يموت؛ وأن يلطخ جسمه كله بروث البقر ويشعل النار فيه (يلاحظ أن البقر حيوان مقدس في الديانة البرهمية الهندية)؛ وأن يقبر نفسه في الجليد حتى يقضى نحبه، وأن يغرق نفسه في مصب من مصبات الجنج Gonnge في أطراف بلاد البنغال على أني ظل يعد خطاياه ويردد عبارات التوبة والندم حتى تفترسه التماسيح؛ وأن يذبح نفسه في مدينة (الله ـ أباد) حيث يتلقي نهر الجونج بنهر دجومنا Jummna؛ وأن يظل على قمة من قم جبال الهملايا حتى يموت من البرد؛ وأن يغرق نفسه أو يدفن حيا إذا كان مصابا بالجذام أو بمرض لا يرجى برؤه على أمل أن تنتقل روحه التي تطهرت بهذا الانتحار إلى جسم معافي سليم؛ وأن يقذف بنفسه من شاهق ليكفر بذلك عن سيئاته أو ليصبح قديساً في الحياة الأخرى أو ليفي بنذر نذرته أمه؛ وأن ينتحر البرهمي (طبقة البرهميين هي طبقة رجال الدين؛ وهي أرقى طبقة في الديانة البرهمية) لتثأر روحه ممن أساء إليه أو من أحد خصومه.
وتحكى أساطيرهم حوادث كثيرة من هذا الانتحار المبرور ونتائجه المحققة. فمن ذلك أن أحد الحكام قد أراد أن يفرض على طبقة البرهميين في مقاطعته ضريبة للدفاع الوطني؛ فتأثرت طائفة من كبار أغنيائهم وحاولوا أن يثنوه عن عزمه، فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً؛ فانتحروا جميعاً على مرأى منه بشق بطونهم بالخناجر مرددين اللعنات على هذا الحاكم مع أنفاسهم الأخيرة. فخسر هذا الحاكم دنياه وآخرته؛ وثار عليه شعبه وأقصاه عن منصبه. ومن هذه الأساطير أن إحدى البرهميات قد غرر بها أحد الحكام حتى نال منها مأربه فأحرقت نفسها وأخذت في ساعاتها الأخيرة تصب اللعنات على هذا الحاكم وأسرته، فاستجاب