/صفحة 304/
عن أنهم قد أصبحوا لا يحتملون الحياة بعد الذي حدث ولا يحتلمون ذكرى هذه الهزيمة ولا هذه الإهانة. وتنتحر المرأة عقب وفاة زوجها أو خاطبها للتعبير عن إخلاصها له وأنه لا أنه معنى للحياة عندها بدونه. ومع أنه قد صدرت عدة قوانين تحظر هذا النوع الأخير من الانتحار فإن العادات الشعبية لا تزال متمسكة به، ولا تزال تنظر إلى الأرملة أو المخطوبة التي تنتحر عقب وفاة زوجها أو خاطبها نظرة إكبار وتعظيم.
ولا تقتصر نتائج هذا النوع من الانتحار في الصين على ما ينال ا لمنتحر في مثل هذه إلاحوال وينال ذكراه من إجلال، بل قد يكون له بجانب ذلك في نظر القانون وفي نظر الناس نتائج أخرى تصيب بعض الأحياء. فالقانون يلقي أحياناً المسئولية الجنائية على الشخص الذي كان عمله سبباً في الانتحار. والعقيدة السائدة أن أرواح المنتحرين تثأر لنفسها ممن تسببوا في انتحار أصحابها، فتدفعهم دفعاً إلى محاكاتهم، أو تتولى هي قتلهم خنقاً إن لم يصيخوا إلى هذا الدافع ويقتلوا أنفسهم بأيديهم.
وبينما تنظر التقاليد الصينية إلى هذه الأنواع وما إليها من الانتحار نظرة إكبار، تنظر إلى ما عداها نظرتها إلى أمور خسيسة صغيرة. ففي كتاب من كتبهم المقدسة أن الذين ينتحرون لفرط ولائهم وإخلاصهم للإمبراطور أو براً بآبائهم وأهليهم وأزواجهم وأصدقائهم تصعد أرواحهم إلى عليين، وأما الذين ينتحرون في أزمة غضب أو يأس، أو ينتحرون خوفاً من نتائج ما اقترفوه من جرائم يعاقب عليها القانون بالإعدام، أو رغبة في أن يسبب انتحارهم ضرراً ببرئ، فسيكون نصيب أرواحهم العذاب الأليم في مناطق الجحيم.
* * *
وفي كثير من بلاد الهند كان يعد من مظاهر البرّ والوفاء أن تنتحر المرأة المتوفي عنها زوجها، بأن تحرق نفسها. وظل هذا التقليد سائداً لديهم إلى عهد قريب، ثم استبدل به في بعض بلاد الهند انتحار تمثيلي؛ فكان يكتفي عقب وفاة الزوج