/صفحة 306/
الله دعاءها، وأنزل عليهم سخطه وسلط عليهم الكوارث والمصائب، واضطرهم إلى الرحيل عن البلاد تاركين ديارهم وأموالهم. ومن ذلك الحين أصبح قبر هذه البرهمية ضريحاً مقدساً يزوره الناس ويؤدون فيه صلواتهم ومناسكهم. ومن هذه الأساطير كذلك أن أحد الحكام قد منح قطعة أرض لأحد البرهميين، فبنى هذا البرهمي مسكناً عليها، ثم رجع الحاكم في هبته، فهدم المنزل واسترد الأرض فذهب البرهمي إلى بيت هذا الحاكم وظل جالساً أمام بابه صائماً عن الطعام والشراب والغطاء حتى مات من الجوع والعطش والبرد. فتأثرت روحه من الحاكم فأهلكته ودمرت بيته.
وقد ساد في الهند كذلك تقليد غريب يطلق عليه اسم " دهارنا" . وذلك أن الدائن إذا ماطله مدينه يذهب إلى بيته ويتهدده بأن يظل جالساً أمام بابه حتى يموت من الجوع والعطش والبرد إذا لم يوفه دينه. ويعد هذا أعنف إجراء يمكن أن يلجأ إليه الدائن الممطول. ويتوجس المدين خيفة من نتائج هذا الانتحار.
فلا يدخر وسعاً في سداد ما عليه، وخاصة إذا كان الدائن برهمياً يخشى من بطش روحه الشديد إذا أنفذ ما هدد به.
* * *
ومع أن التعاليم اليهودية السائدة تعتبر الانتحار جبناً وانحطاطاً وكفراً بنعم الرب وتعدياً لحدوده، وتوقع بعض عقوبات على جسم المنتحر، فتترك جثته ملقاة حتى غروب الشمس، وتحرم رثاءه والحداد عليه ولبس السواد من أجله، هذا إلى ما يدخر لروحه من عذاب بعد الموت، مع ذلك نرى أن " التلمود" (وهو من أهم أسفار التشريع لديهم) يغتفر الانتحار بل يكاد يعده عملا مجيداً إذا أقدم عليه قائد جيش يهودي بعد هزيمته، حتى لا يقع أسيراً ويلقي المهانة والفضيحة على يد العدو، أو إذا أكره يهودي على الارتداد عن دينه فآثر الانتحار على الكفر بربه.