/صفحة 299/
هو بالابتداء" فأي كلام هذا ؟ وما ترجمته(1) ؟ فقد تعب أرباب الشروح والحواشي في إبانته وتوصيل مراده إلى الأذهان، فهل تتسع عقول الطلاب وأوقاتهم في عصرنا الحاضر لفهمه وفهم نظائره وإدراك مراجع الضمائر المتعددة فيه وفي أشباهه(2)؟ وإذا احتملوا هذه فكم قاعدة من نظائرها يحتملونها ؟ وهل تسمح لهم مطالب الحياة الحديثة بذلك وبالرجوع في الفهم إلى الشروح والحواشي وغيرها ؟ وليس سيبويه في هذا بالمتفرد فما أكثر من يشاركونه فيا أخذناه عليه(3).
نعم إن اللغة الكزة معيبة كلغة المتون، وكذلك اللغة الملتوية والمضغوطة كلغة سيبويه. وهناك اللغة الفضفاضة بغيضة كذلك؛ كلغة صاحب المفصل في أبواب متفرقة.

ــــــــــ
(1) جاء في كتاب الإمتاع والمؤانسة ج 2 ص 139 ما نصه:
وقف أعرابي على مجلس الأخفش، فسمع كلام أهله في النحو، وما يدخل معه؛ فحار وعجب، وأطرق وسوس، فقال له الأخفش: ما تسمع يا أخا العرب قال: أراكم تتكلمون بكلامنا في كلامنا بما ليس من كلامنا. وقال أعرابي آخر:
ما زال أخذهم في النحو يعجنبي حتى سمعت كلام الزنج والروم
(2) بل إن بعض المتعلمين في العصور القديمة التي ظهرت فيها تلك الكتب لم يفهموها ولم بقدروا على تذليل صعوبتها. فقد نقل الجاحظ في كتابه الحيوان (ج 1 ص 45) أن معترضاً قال لأبي الحسن الأخفش: أنت أعلم الناس بالنحو؛ فلم لا تجعل كتبك مفهومة كلها ؟ وما بالنا نفهم بعضها ولا نفهم أكثرها ؟ وما لك تقدم بعض العويص وتؤخر بعض المفهوم ؟
فقال: أنا رجل لم أضع كتبي ابتغاء وجه الله، ولا زلفي إليه؛ فليست من كتب الدين. ولو وضعتها على الوجه الذي تريدونه لقلت حاجة الناس إلى؛ للسؤال عما لا يفهمونه منها. وأنا غايتي الكسب؛ فوضعت بعضها مفهوماً؛ لتدعوهم حلاوة ما فهموه إلى التماس فهم ما لم يفهموا. وإنما قد كسبت في هذا التدبير، إذ كنت إلى الكسب ذهبت. . . وهذا سبب آخر عجيب من أسباب صعويه هذه الكتب النحوية.
وهناك سبب آخر لا يقل عن هذا إثارة للعجب والدهش فقد نقل ابن يعيش في الصفحة الأولى من مقدمة كتابه شرح المفضل ما بأتي: (قال الخليل بن أحمد من الأبواب ما لو شئنا أن نشرحه حتى يستوي فيه القوى والضعيف لفعلنا ولكن يجب أن يكون للعالم مزية يعدنا!!).
(3) انظر ما نقله الأشموني عن ابن السراج عند الكلام على واو المعية. . . ج 3 ص 231 باب إعراب الفعل. وغيره وغيره. . .