/صفحة 288 /
وعلى هذا الأساس نتحدث عن " تراثنا الروحي" ونقصد به مرة الحصاد أو القيم التي تعبئ ذاتية الإنسان، وهي روحه أو خصيصته، وتحدد توجيهه في سلوكه وفي تفكيره وفي نظرته إلى الحياة.
القيم الإنسانية في هذا التراث:
وعلى هذا الاساس نتحدث عن جانب من جوانب هذا التراث الروحي، وهو جانب القيم الإنسانية. ونقصد بالقيم الإنسانية المثل والمستويات التي ينشدها الإنسان ويسعى إلى تحقيقها في حياته، والتي ينبثق منها كذلك تصرفه وسلوكه وتقديره وحكمه.
المسئولية الفردية:
وفي مقدمة هذه القيم المسئوليةُ الفردية. أي أن الفرد من الإنسان مسئول أمام نفسه وأمام جماعته عن تصرفه وسلوكه. وهو في تصرفه وسلوكه حتما طالما هو مسئول مسئولية فردية وشخصية ـ يصدر عن حرية شخصية. فالمسئولية الفردية هي تحمل تبعات ولكنها في مقابل هذه التبعات تقوم على حرية وعلى إرادة ومشيئة للإنسان. يقول الله تعالى: " من عمل صالحاً فلنفسه، ومن أساء فعليها" ويقول كذلك: " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" . وبمثل هاتين الآيتين عبر القرآن الكريم عن هذه المسئولية الفردية. وأصبح الفرد في نظره وحدة لها استقلال شخصي. والجماعة كلها وحدات لكل منها استقلال فردي ولكنها مع ذلك مترابطة برباط واحد هو رباط الهدف المشترك الذي قامت عليه جماعته وأصبحت به متميزة عن الجماعات الأخرى.
ونتيجة المسئولية الفردية هذه ـ من الوجهة النظرية ـ عدم انصهار الفرد في الجماعة وعدم ذوبانه فيها. ومن الوجهة العملية أهليته للتملك ومباشرة العقد في إبرامه وفي نقضه. ومن الوجهة الخلقية عدم التواكل، والسعي المستمر، والصبر عند مواجهة المشقة في هذا السعي، ودقة المباشرة في العمل، والمتعة الذاتية عند المنح والاعطاء للغير.