/صفحة 259/
والناس تختلف في العقل والرأي والتدبير والقوى الجسمانية ومتى اختلفت في ذلك فلا سبيل إلى اتفاقها في النتائج من الغنى والجاه والثروة والتعظيم واضدادها.
وكيف يتساوى الناس ونحن نرى كل الأجناس تتفاضل وتتمايز أم كيف يستوون والرجل الواحد لا تستوي أعضاؤه ولاتتكافأ مفاصله ولكن لبعضها الفضل على بعض وللرأس الفضل على جميع البدن بالعقل والحواس الخمس، وقالوا القلب أمير الجسد، ومن الأعضاء خادمة ومنها مخدومة ومنها خادمة ومخدومة ومنها خادمة غير مخدومة، ومنها مخدومة غير خادمة.
وقد قيل فلان لا للسيف ولا للضيف ولا في العير ولا في النفير أي لا ينفع في أمر، وقيل.
رأيتكمو تبدون للحرب عدة ولا يمنع الأسلاب منكم مقاتل
فأنتم كمثل النخل يشرع شوكه ولا يمنع الخراف ما هو حامل
وقال الله تعالى " وإذا رأيتهم يعجبك أجسامهم وأن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو" وقال فيمن ينفعون ويضرون " محمد رسوله الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم" .
والجواب أننا نعني أن الإسلام أتى بالمساواة بين البشر إنه سوى بينهم في الحقوق والواجبات وسوى بينهم في القضاء والحدود فلا يقام الحد على ضعيف ويهدر عن قوي ولا يميز بين أحد من الخصومة والقضاء لجاهه أو نسبه أو سلطانه.
ولا ينكر تباين الناس ولا تفاضلهم ولا السيد منهم والمسود والشريف والمشروف ولكن التفاضل ليس بآبائهم ولا بأجسامهم ولا بأجناسهم وإنما هو بأفعالهم وأخلاقهم وشرف أنفسهم وبعد هممهم.
وما أحسن ما قال عامر بن الطفيل:
أتى وإن كنت ابن سيد عامر وفارسها المشهور في كل موكب
فما سودتني عامر عن قرابة إبى الله أن اسموا بأم ولا أب
ولكنني أحمى حماها وأتقى أذاها وأرمى من رماها بمنكب