/صفحة 258/
وغطفان والله أن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق فارسلوا إلى بني قريظة. . . والله لا ندفع إليكم رجلا واحداً من رجالنا فان كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا فقالت بنو قريظة حين انتهت الرسل إليهم بهذا أن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق ما يريد القوم إلا أن تقاتلوا فإن رأوا فرصة انتهزوها وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل في بلدكم فارسلوا إلى قريش وغطفان إنا والله لا نقاتل معكم محمداً حتى تعطونا رهناً فأبوا عليهم وخذل الله بينهم وبعث الله عليهم الريح في ليال شانية باردة شديدة البرد فجعلت تكفا قدورهم وتطرح أنيتهم؛ ففكوا حصار المدينة وقفلوا راجعين إلى بلادهم.
فهذا نعيم بن مسعود قد أغنى مالا يغنيه جيش لجب كامل السلاح والعدة فهو لا يعد بألف فقط بل هو يعد بأمة بل يعد بجيل من الناس.
المثال الثاني ما كان يوم بدر من الحباب بن المنذر بن الجموح فقد روى أن النبي نزل بالمسلمين يوم بدر على غير ماء.
فقال الحباب بن المنذر بن الجموح يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزله الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال بل هو الرأى والحرب والمكيدة قال يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتى أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضاً فنملوءه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أشرت بالرأي فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس فسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه ثم أمر بالقلب فغورت وبني حوضاً على القليب الذي نزل عليه فملئ ماء ثم قذفوا فيه الآنية.
وكان هذا الرأي والتدبير من أسباب النصر في ذلك اليوم.
والشرع لا ينكر التفاضل بل يقرره قال النبي صلى الله عليه وسلم أقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم وقال صلى الله عليه وسلم في قيس بن عاصم هذا سيد الوبر