/صفحة 255/
الصراع بين المبادئ في الحياة الإسلامية
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل شيخ محمد عرفه
عضو جماعة كبار العلماء
ـــــ
تبين من المقالات السابقة أن الإسلام جاء بالمساواة بين البشر وأبطل التمايز والتفاضل بالنسب والجنس وأن ذلك كان يخالف ما وقر في نفوس العرب وما تربوا عليه من التمايز والتفاضل فكانوا يفضلون العرب على سائر أجناس أهل الأرض أو يفضلون بعض قبائل العرب على بعض وكانت باهلة إحدى قبائل العرب ممن أصابها وسم الهوان حتى قال الشاعر:
ولو قيل للكلب يا باهليّ عوى الكلب من لؤم هذا النسب
وكانت بعض قبائل العرب ترى أنها أفضل من قبيلة أخرى فإذا أصيب منها عبد أبت أن تأخذ به إلا حراً وإذا أصيب منها أنثى أبت أن تأخذ بها إلا رجلا وقد أنزل الله في إبطال ذلك قوله تعالى: " يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى، الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى" .
وقد تصارع المبدآن في نفوس العرب وكان للمبدأ الإسلامي القوة والغلبة في عصر النبوة والخلفاء الراشدين لأنهم كانوا يحافظون عليه ويحامون عنه ويراعونه ويأبون إلا إلتزامه في كل تصرفاتهم، ولما جاءت الخلافة الأموية أطل التمايز من جديد فكان تفاضل بين العرب والعجم وكان تفاضل بين النزارية والقحطانية.
ولم يكن غريباً أن يسود التمايز في البيئات السياسية والحربية إنّما الغريب أن يسود التمايز في البيئة الدينية وعند الفقهاء فيقررون أن العجمي ليس كفؤا