/صفحة 248/
إن لم يكونوا مالكين للرقبة، فلهم بمقتضى الوضع القديم المستمر حق الأولوية في الانتفاع في نطير الخراج المعروف. فاشبه بذلك حق الحكر، وإنه يورث بوراثة الأعيان التي امتلكها واستحق بها الاحتكار.
11 ـ وإن ولي الامر كما رأيت من عمل الرسول يترك الأراضي في أيدي أهلها على جعل يؤخذ منه، وهو الذي يسمى الخراج، أو جزية الأراضي، وهذا يفترق عن الأراضي التي تبقى ملكا في يد أهلها، فإنهم إذا لم يكونوا مسلمين يؤخذ منهم ضعف ما يؤخذ من المسلم، وهذا فريضة شرعية تختلف عن الأول، والفرق بينها كالفرق بين مالك للزرع والأرض، ولكن يدفع ضريبة، وبين مالك للأرض فقط والزرع شركة بينه وبين ولي الامر باعتبار نصيب ولي الامر أجرة للأرض.
ولذلك قرر الفقهاء أن الخراج الذي يؤخذ من أراضي مصر والشام والعراق وغيرها من البلاد التي فتحها المسلمون عنوة وبقيت تحت أيدي أهلها ـ إنّما هو أجرة، وقد صرح بذلك الفقهاء في كل المذاهب الإسلامية المعروفة.
أما الخراج الذي كان مفروضاً في أرض بني تغلب وغيرها من القبائل التي صالحت النبي صلى الله عليه وسلم على أن تبقى على دينها مع دفع ضرائب معينة، فإن الخراج في هذه الحال ليس أجرة، بل يقابل الزكوات المفروضة في أموال المسلمين، ولذلك سمى صدقة، لأنه يقابل ما يؤخذ من المسلمين من صدقات.
12 ـ ولقد بنى على اعتبار الأراضي في مصر والشام ليست ملكا لواضعي اليد عليها أنه في صدر الدولة الإسلامية إلى الدولة الفاطمية التي استولت على مصر والشام ـ لم يجز الوقف فيها، فقد كان الوقف في تلك الأزمنة مقصوراً على الدور والرباع والحوانيت وغيرها من المباني التي كانت تعد ملكيتها مطلقه، ولم يجز في الأراضي الزراعية، حتى جاءت الأيوبية فتجاوز الرباع والدور إلى الأراضي وكثر وقف الأراضي من بعد ذلك في عهد المماليك والعهد العباسي.
ومما بنى على ذلك النظر أيضاً الكلام في أن ولى الامر له أن ينزع الأراضي