/صفحة 247/
ب ـ أن الآية صريحة في أن الأراضي التي يفيء الله بها على المسلمين لا تقسم بين الفاتحين.
ج ـ أن الأراضي لا تنطبق عليها أحكام آيات الغنائم، لأنها لا تؤخذ ولكن يستولي عليها، فلا تقسم واليد عليها يد حكمية لا يد فعلية.
د ـ أن الجنود لو اقتسموها لانقلبوا زراعا، ولتركوا الجهاد، وفي ذلك ضعف للإسلام والمسلمين.
10 ـ وننتهي من هذا إلى أن الأراضي كانت بحكم النبي صلى الله عليه وسلم، وتبعه في حكمه الراشدون ينقسم إلى قسمين ـ أراض ملكيتها مطلقة لواضعي اليد عليها، وهذه هي الأراضي التي فتحت بلادها صلحاً، وذلك كنصف أرض فدك، وأراض فتحت عنوة، وهذه يد واضعي اليد عليها ليست يد ملك للرقبة، ولكنها ملك للمنفعة، والفرق بين ملكية الرقبة والمنفعة، والمنفعة وحدها واضح في الفقه الإسلامي، إذ ملكية الرقبة ملكية مطلقة تجيز التصرف في العين، ولا تكون مؤقتة، واليد لا تكون يدا نائبة، بل تكون أصيلة لا تستمد قوتها من غيرها، أما ملكية المنفعة، فإنها تقبل التوقيت، وهي يد نائبة وليس يدا أصيلة، وللأصيل أن يتصرف فيما يملك كما يشاء، وله أن يمنع اليد النائبة من التصرف وبمقتضى ذلك يكون لولي الامر في الأراضي التي تملكها الدولة، أو هي على حد تعبير الفقهاء التي تكون موقوفة على مصالح المسلمين، أن ينزع الأراضي من أيدي أصحابها، ويعطيها غيرهم.
وبمقتضى المنطق السابق كان لا يجوز التصرف من واضعي اليد على الأراضي الموقوفة على مصالح المسلمين، ولكن أجيز التصرف فيها بالبيع والشراء والاجارة وغير ذلك من التصرفات، لأن هذه تجري في المنافع كما تجري في الأعيان، وأجيز الارث فيها، لأنها حقوق تورث عند جمهور الفقهاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من ترك حقا أو مالا فلورثتة" والحنفية الذين لم يجيزوا وراثة المنافع أجازوا وراثة هذه الأراضي؛ لأنه قد تعلق لواضعي اليد فيها حقوق عينية، ولأنهم