/صفحة 204 /
فقلت ولم أملك سوابق عبرةٍ مقالة مكويّ الفؤاد حزين
" وقد تخرج الحاجات يا أم مالك كرائم من ربٍّ بهن ضنين " (1)
فرَجع النسخة إليه وترك الدنانير.
وعلى حين نجد أخاه الشريف الرضي طموحاً نزَّاعاً إلى الخلاف ممنياً نفسه بها، ويقول في ذلك مخاطباً نفسه:
هذا أمير المؤمنين محمد كرمت مغارسه وطاب المولد
أوَما كفاك بأن أمك فاطم وأبو حيدرة وجدك أحمد
نلفي الشريف المرتضى مصروفا عن هذا المطمع، مشغولا بالعلم والدرس، زاهداً في بهرج السلطان وزيف السياسة، ذامّاً للدنيا راغباً عنها:
وحبُّ بنى الدنيا الحياةَ مسيئةً بهم، ثلمة في النفس أعوز سدُّها
تخفَّفَ من أزوادها ملءَ طوقه فهان عليه عند ذلك فقدها
ويقول:
قل للذي راح بعزٍّ واغتدى يسحب منه مطرفاً مورّدا
صنيعَ من يطمع أن يخلدا جمعتَ مالا بد أن يبدَّدا
إن لم يزُلْ في يومه زال غدا يا جامعاً لغيره محتشدا
نضَدتَ مالاً هل نضدت أملا سيّان من سار يجرُّ العددا
ومن يطَلَّ واحداً منفردا كلاهما مفارقٌ ما وجدا
المرتضى الشاعر:
لم يحظ المرتضى في الشعر بمثل شهرة أخيه الشريف الرضي، فقد عرف الرضي بالشعر، وارتضاه الأدباء ورووَا له، وسارت قصائده، ونبغ منها الكثير، ولا كذلك الشريف المرتضى، الذي لم يواته الحظ في الشهرة.
ولعل مرجع ذلك إلى كثرة أعدائه وحساده، ولعل مرجعه أيضاً إلى أنه كان مكثرا، والإكثار قد تفارقه الجودة. كما يظهر لمتصفح ديوانه، أن الطابع العلمي
ــــــــــ
(1) البيت قديم، وقد ضمنه شعره كما ضمنه قبله كثيرون. انظر سمط اللآلي 3: 89.