/صفحة 203 /
يا سائلي عنه لما جئت أسأله فإنه الرجل العاري عن العار
لو جئته لرأيت الناس في رجلٍ والدهر في ساعةٍ والأرضَ في دار
وذكر بعض الامامية أن المرتضى أول من بسط كلام الامامية في الفقه، وناظَرَ الخصوم، واستخرج الغوامض، وقيّد المسائل، وفي ذلك يقول:
كان لولاي غائضاً مكرع الفقـ ه سحيقَ المدى بحر الكلام
ومعان تشطّ لطفاً عن الأفـ ـهام قربها من الأفهام
ودقيق ألحقتُه بجليلٍ وحلال خلّصتُه من حرام
وكان المرتضى رجلَ دين، يضع الدين في المقام الأول، وأنت تلمح في أماليه أنه يضع مسائل التفسير والحديث في صدر كل مجلس من مجالسه، ثم يستطرد منها إلى الأدب والشعر واللغة ومسائل العربية والنقد، وبهذه الخاصة تمتاز أماليه عن نظائرها من أمالي العلماء والأدباء.
جانب من أخلاقه:
كان المرتضى سمحاً جواداً، مبسوط اليد فائض الكرم. ويذكرون أن يهودياً أفلسَ في مجاعة شديدة، فاحتال ليحصل على القوت، فحضر يوماً مجلسَ المرتضى، فاستأذنه أن يقرا عليه شيئاًُ من علم النجوم، فأذن له وأمر له بجائزة تجري عليه كل يوم، فقرأ عليه برهة ثم أسلم على يده.
ومن مشهور القصص في ذلك ما رواه التبريزي: أن أبا الحسن علي بن أحمد الفالي(1) كانت له نسخة من جمهرة ابن دريد غاية في الجودة، فدعته الحاجة إلى بيعها، فاشتراها الشريف المرتضى بستين دينارا، وتصفحها فوجد بها أبياتا بخط الفالي المذكورة:
أنستُ بها عشرين حولا وبعتُها لقد طالَ وَجدي بَعدها وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعها ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقار وصبية صِغارٍ عليهم تستهلُّ شئوني

ــــــــــ
(1) نسبة إلى فالة (بالفاء)، من بلاد خوزستان.