/صفحة 205 /
والحرص على إظهار المقدرة اللغوية واتساع الأفق العلمي، كل ذلك جعل شعره في مستوى لا يستهوي جمهرة الأدباء مثل ما يستهويهم شعر أخيه الرضي.
كما أن سمات الحزن، ومظهر الشكوى والتبرم التي تسود شعره، مما كان يتعرض له من فتن العامة والطغام، أفقدت شعره ضوء البهجة التي يطلبها الناس في الإنتاج الفني.
وكذلك إجلال تلاميذه له، وحرصهم على رواية آثاره الدينية والعلمية؛ لما له من إمامة دينية مرموقة، صرفهم ذلك عن أن ينشطوا لرواية شعره فأصابه بعض الخمول.
وليس معنى ذلك أن يخرج المرتضى من جلة فحول الشعراء، فهو لا جرم شاعر فحل له وزنه ومقداره.
وكان الشريف المرتضى حريصاً على إظهار براعته في النظم واقتداره، متوجهاً إلى إبراز سيطرته على القوافي الصعاب غير المألوفة، فهو يقول في قافية الثاء:
قفا بي على تلك الطللول الرثائث مُحِينَ بنسج المعصرات المواكث
ولا تسألا عن اصطبارٍ عهدتما فقد بانَ عنى بانتهاك الحوادث
كأن فؤادي بالنوى لعبت به نيوب ليوث أو مخالب ضابث
أجوّل في الأطلال نظرة عابثٍِ وما أنا حزناً واشتياقا بعابث
كأني وقد سارت مطيُّ حدوجهم ألاطمُ موجَ اللجة المتلاطث
وفي قافية الخاء:
أبي يَعصِبُ الغاوون ما في عيابهم ويَلطَخني بالشر مَن هو مُلطَخُ
ولو شئتُ أضحى بين داري وبينهم بَساطُ بعيد للمطايا وبرزخ
كأني مقيم بين قومٍ أذلة أميمُ رزايا بالجنادل يشدخ
ولي مهجة لم يبق إلا طلولها ترشّ بأنواع الهموم وتُرضخ
وفي قافية الزاي:
إن كنت ترغب في الثوا ءِ بهذه الدنيا عزيزا
فاحذر مُنَى الأطماع أن تُعني بها أو أن تحوزا
لا تُرعِها سمعاً فإن لها القعـــاقع والأزيزا
كم آمنٍ أضحى المُطا حَ بها وقد أمسى الحريزا