/صفحة 202 /
حياته العلمية:
وللمرتضى مؤلفات ومصنفات أربت على السبعين مؤلفا في فنون شتى من فروع الثقافة الإسلامية. وقد اختلف الناس في نهج البلاغة، أهو من جمعه، أم من جمع أخيه الرضي ؟(1).
ومما يجدر ذكره أن الشريف المرتضى كان من القُوّام بأمور دار العلم في بغداد التي كانت تعد أعظم مدرسة للعلوم والآداب، وكان في مدرسة الخاصة نحو ثلاثين ألف جزء.
وكانت له في داره مدرسة خاصة تعهد بكفاية طلابها مئونة العيش ومطالب الحياة، إذ وقف عليها قريةً من قراه تنفق مواردها على قراطيس الفقهاء والتلاميذ الذين كانت تجري عليهم الجرايات الشهرية، كالشيخ الطوسي الذي كان يجري عليه اثني عشر ديناراً في كل شهر.
ولا غرو في ذلك، فقد قدر المؤرخون دخله من أملاكه الخاصة بأربعة وعشرين ألف دينار في العام، كما ذكروا أنه كان يمتلك من القرى والضياع نحو ثمانين قرية بين بغداد وكربلاء، ينساب فيما بينها نهر حُفَّ بالأشجار الوارفة الظلال، ما بين مزهرة ومثمرة، وقد أبيحت للسابلين والعابرين ثمارها وقطوفها.
وكان المرتضى يذهب مذهب الشيعة الامامية، في قوله بتوحيد الله عزوجل وعدله، وامتناع صدور الظلم منه، وأن الخلود في النار إنّما هو للكفار خاصة، وأن ارتكاب الكبيرة من أهل المعرفة والإقرار لا يخرج من الإسلام، وأن الأئمة اثنا عشر، أولهم: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وآخرهم: محمد بن الحسن المهدي المنتظر، وهم جميعاً معصومون.
وليس بصحيح أن المرتضى كان معتزلياً أو رأساً في الاعتزال، كما يتضح عند التحقيق، إذ لا يمكن الجمع بين كثيري من الآراء التي تقال هنا وهناك.
وكان رحمه الله علماً في المناظرة متكلما، يسترعي إعجاب حاضري مجلسه. وقد سئل عنه أبو العلاء المعري بعد أن حضر مجلساً من مجالسه، فأجاب:

ــــــــــ
(1) ابن خلكان 1: 336.