/صفحة 198/
والذي يظهر لنا أنه كاتب لا يمل من إعلان الحقائق المشوهة، ونشر الآراء الممسوخة. فإذا كان القرآن الذي بين أيدينا يقوم شاهد صدق على بطلان هذه النظرية، فإن الكاتب لم يتحرج من الإتيان بترتيب جديد الآيات القرآن، ويضع في كل سورة عدداً من الآيات يوافق قيمة حروفها بحسب الجمل لتصح نظريته، وبذلك امتدت يده بالخلط والتشويه والاضطراب لكتاب مقدس، لم يستطع ألد أعدائه، وأشد النقاد لنصه أن يدعوا أن فيه اضطراباً أو تشويهاً ومسخا، بل اعترف الجميع بأنه نص محفوظ ظل سالماً من التحريف اثني عشر أو ثلاثة عشر قرنا.
أما النصوح طاهر فيريدنا على أن نعتقد أن هذا القرآن الذي بيد المسلمين جميعهم لم يصل إليهم في صورته الحاضرة إلا بعد تنقيح عثمان بن عفان لنصه، وقد كان قبل عثمان يتطابق تمام المطابقة في عدد آياته مع مجموع حروف افتتاحه بحساب الجمل في التسع والعشرين سورة التي افتتحت بتلك الحروف.
فسورة " البقرة " مثلا كانت تشتمل على (71) آية بدلا من اشتمالها على (286) وسورة " آل عمران " كانت تشتمل أيضاً على (71) آية بدلا من (200) وسورة " العنكبوت " تشتمل على (71) آية بدلا من (69) كما هي عليه الآن، وهكذا.
وإذا لم تحظ الدنيا بنسخة من مثل هذا القرآن الذي ادعاه سيد نصوح طاهر، فإن الملوم في نظره على ذلك هو الزمان والظروف، لا نظرية نصوح طاهر الحديثة، إذ هو معصوم من الخطأ.
وإليك شهادة أشد خصوم الإسلام ونقاده، وهو السير " وليم ميور " حيث يعترف فيها بسلامة نص القرآن من التحريف، وحفظه من التغيير، حيث تحدث في كتابه " حياة محمد " عن سؤال أثيِرَ حول جمع عثمان للقرآن الكريم، فأجاب " ميور " بقوله:
" إنه مع تسليمنا بأننا نمتلك نسخة من القرآن الذي جمعه عثمان، والذي لم تمتد إليه يد التغيير، يبقى علينا أن نبحث عما إذا كان هذا النص هو عينه النص الذي كتبه زيد بن ثابت.