/صفحة 197/
يقول السيد محمد علي الهندي:
يرى بعض المفسرين أن هذه الحروف تدل على صفات إلهية، وهذا هو الرأي السائد الغالب، وبعضهم يرى أنها تدل على قيمة عددية على أسلوب ما يعرف بحساب الجمّل لحروف (أبجد).
وهذا التأويل الأخير ظاهر الخطأ، واضح النقص والبعد عن الصواب، فإن القيم العددية نفسها أمر مبهم لا يؤدي إلى كشف عن معنى.
ونحن إذا سلمنا بصحة هذا الرأي فرضاً، فتطبيقه لا يمكن إلا في سورة واحدة من التسع والعشرين، فمثلا يقول أصحاب هذا الرأي أن " الم " التي بدئت بها سورة " آل عمران " مجموع حروفها في حساب الجمّل (71) وهي تشير بذلك إلى السنة التي يبلغ فيه الخليفة يزيد بن معاوية قوته التي فيها يتحول مجرى التاريخ، فإذا أردنا تطبيق هذا الرأي على بقية السور لا نجده يستقيم معنا، ولا تسلم لنا النظرية، لهذا لا نستطيع أن نقول أن هذا تأويل وتفسير لهذه الافتتاحات.
أما الأستاذ نصوح طاهر الفلسطيني، فقد قام بمحاولة لحل هذه المشكلة، ورأي أن القيم العددية لتلك الحروف إنّما يقصد منها الدلالة على عدد آيات تلك السورة التي جاءت الحروف في أوائلها.
لو صح هذا الاتجاه، وصدق هذا التأويل، لكان بلا شك تفسيراً مقنعا لتبيان القيمة العددية لهذه الأحرف، غير أن نصوح طاهر كان مخطئا في هذا الرأي، فإن تطبيقه لا يصدق حتى في سورة واحدة من التسع والعشرين.
فإذا عدت هذه نظرية، فهي نظرية مجانبة للحقائق، فلا يوجد كاتب حصيف يسمح لنفسه أن يتقدم بمثل هذه النظرية، ويقف في وجه هذه الحقائق التي ذكرناها لأن هذه النظرية لا سند لها من الحق، بل هي مناقضة لكل صواب.
فبينما نجد سورة كسورة البقرة قيمة حروفها الافتتاحية (71) بحساب الجمّل إذا بمجموع آياتها (286) وسورة قيمة حروفها الافتتاحية (271) كسورة الرعد وهي لا تشتمل إلا على (43) آية، وهكذا فالباحث يعجب من جرأة هذا الكاتب كيف استطاع أن ينشر مثل هذا الرأي، ويعلن مثل هذا الكلام الفارغ.