/صفحة 193/
مؤنثها سكرى. . . لكن لو رجعنا إلى كتاب في اللغة " كالقاموس المحيط " وهو من أكثر الكتب اللغوية شيوعا لوجدناه يقول: سَكِر فهو سَكِرٌ وسَكْران ـ ضد صحا ـ وهي (أي: المؤنثة) سَكِرةٌ وسكرى وسكرانة. ومثل هذا في تاج العروس وفي المصباح منسوباً لبعض القبائل. فما يصنع المتكلم أيصرف كلمة " سكران " ام لا يصرفها ؟ إن الأمر يتطلب تحرير القاعدة وتهذيبها لتساير كتب اللغة أو تهذيب الكتب اللغوية وتمحيصها لتجاري النحو أو الإرشاد إلى ما يجب اتباعه في مثل هذه الحال. وليس من شك أن التحرير والتهذيب إنّما هما من خصائص النحو بل من أهم خصائصه دون اللغة إذ هي السابقة عليه ومنها استمد وجوده وأخذ مواد بنائه فعليه أن يتخير وينتقي ما يناسبه ويدع أو يصلح ما لا يناسب.
4 ـ جاء في الأشموني ـ وغيره ـ في جموع التكسير أن صيغة " فواعل " شاذة في جمع " فاعل " الذي هو صفة لمذكر عاقل كفارس وفوارس وناكس ونواكس وهالك وهوالك، وشاهد وشواهد، وغائب وغوائب وكلها صفات للمذكر العاقل.
ثم قال:
(وتأول بعضهم ما ورد من ذلك على أنه صفة لـ " طوائف " فيكون على القياس، فيقدر على قولهم: هالك في الهوالك، في الطوائف الهوالك، فيكون جمع فاعلة لا جمع فاعل ـ قيل: وهو ممكن إن لم يقولوا رجال هوالك) اهـ.
فالصيغة الممنوعة عندهم جائزة، ولكن بشرط التأويل أو التقدير أو النية الصالحة التي تبيح ما ليس بمباح. فلندع التأويل وما معه فقد أشبعناه في مكانه من البحث لنقول للنحاة شيئاً آخر جديداً، هو أن أحد العلماء المعاصرين (1) تتبع هذا الوصف الشاذ في زعمهم، فإذا المراجع اللغوية تمده بعشرات منه جمَعها وسَجل مظانها، فسجل بذلك أن القاعدة النحوية وما يتصل بها من منع وتأويل وإباحة لا تساير اللغة كما دونها اللغويون.
ــــــــــ
(1) الأستاذ على السباعي الأستاذ بدار العلوم.