/صفحة 171/
ومن شاء الوقوف على كثير منها فلينظر مقاتل الطالبيين (1).
ولما بلغ هذا النعي المشؤوم أخاه إبراهيم بالبصرة جزع عليه ـ فما بعد الفجيعة في الأخ من فجيعة ـ وندبه:
أبا المنازل يا عبر الفوارس من يُفجع بمثلك في الدنيا فقد فُجعا
الله يعلم أنى لو خشيتهم أو آنس القلب من خوف لهم فزعا
لم يقتلوك ولم أسلم أخي لهم حتى نعيش جميعاً أو نموت معاً (2)
2 ـ إبراهيم بن عبد الله:
هو أخو محمد " النفس الزكية " كان في البصرة مختفيا داعية لأخيه، حتى سرت الدعوة من البصرة إلى الأهواز وفارس وواسط، ولما فجأه الخبر المشئوم ازداد تحول الناس إليه بعد فقد أخيه، وتكاثر الناس على مبايعته، وكان الإمام أبو حنيفة يعاونه سرا، فقوى نفوذه ودخل دار الإمارة، وقبض على الوالي سفيان بن معاوية وحبسه، واستقر له الأمر في البصرة، وأرسل أتباعه إلى الأهواز وفارس، وترادفت عليه المبايعة والتهنئة، ومن ذلك أنه ذات يوم صعد المنبر، فقال الشاعر سُدَيف بن ميمون يهنئه ويستحثه لأخذ اذحال السابقين من آله.
إيه أبا إسحاق مُلِّيَتها في صحةٍ منك وعمرٍ طويل
اذكر ـ هداك الله ـ ذَحْل الألى سِير بهم في مُصْمَتات الكُبول(3)

ــــــــــ
(1) المقاتل ص 249، 304 ـ 309.
(2) عبر الفوارس: العين مثلثة، يصفه بالقوة، كما يقال: ناقة عبر أسفار إذا كانت قوية على السفر تشق الطريق وتقطعها، وناقة عبر الهواجر، وعبر السري، آنس القلب: أحس، والأبيات في كامل المبرد (ج 3 ص 96) شرح الرغبة، والكامل لابن الأثير (ج 5 ص 11) والمقاتل ص 342.
(3) مليتها: من التملية، يقال: ملاك الله حبيبك، أي متعك به وأعاشك معه طويلا، الكبول: جمع كبل، وهو القيد الصخم. والبيتان في الشعر والشعراء ترجمة سديف، وكذا في مقاتل الطالبين ص 315، مع تغيير قليل في البيتين.