/صفحة 170/
الزيت عند ثنية الوداع، لأربع عشرة من رمضان سنة 145 هـ، ووضع رأسه بين يديه ثم أمر أن يطاف به ثم أرسله إلى المنصور.
خَطْب وجبت له قلوب، وتمزقت منه أحشاء، فانسل أحد أنصار محمد ليخفف عن نفسه شيئاً من الالتياع إلى والي المدينة رياح فذبحه ولم يجهز عليه حتى يذوق الآلام إلى الممات، جزاء له على ما قدم من تهديد لمحمد وأسرته اضطر محمدا إلى الاختفاء عن المدينة أياما، مع أنه قد أشار عليه الشاعر المشهور: ابن ميَّادة المري عند ما رآه جادا في طلب محمد أن يتخذ حرسا وجندا من غطفان دون العبيد المرتزقة، لأن ابن ميادة ورياحا كلاهما من مرة غطفان، والغطفانيون موثوق بهم أن يقوه قريشا إذا جد الجد، لكنه استخف بقوله، فلما قتل قال ابن ميادة:
أمرتك يا رياح بأمر حزم فقلت هشيمةٌ من أهل نجد
فقلت له تحفظ من قريش ورَقِّع كل حاشية وبُرد
ووجداً ما وجدتُ على رياح وما أغنيتُ شيئاً غير وجدي(1)
لم يذهب مصاب محمد دون العبرات المنهمرة، والمراثي المبكية، وسنجتزي بالإشارة إلى بعضها، فمنها مقطوعة لكلثم بنت وهب آخرها:
قتل الرحمن عيسى قاتل النفس الزكية
وقصيدة لغالب بن عثمان الهمداني مطلعها:
يا دار هجتِ لي البكاء فأعولي حُيِّيتِ منزلةً دُثرتِ ودارا
ومقطوعة لأبي الحجاج الجهني:
بكر النعيُّ بخير من وطئى الحصى ذى المكرمات وذى الندى والسؤدد
بالخاشع البَر الذي من هاشم أمسى ثقيلا في بقيع الفَرْقد
ظلت سيوف بني ابيه تنوشه أن قام مجتهداً بدين محمد
ــــــــــ
(1) هشيمة: ضعيفة، ورقع كل حاشية: يحذره قريشا أن يتسع الخرق عليه فلا يمكنه أن يرقعه، ووجداً ما: ما زائدة منبهة على وصف أي عظيما على ما حققه ابن مالك، والأبيان في كامل المبرد ج 1 ص 161 شرح الرغبة.