/صفحة 149 /
وروى أن ثلاثة نفر رفعوا إلى الإمام علي: واحد أمسك رجلا والثاني قتله، والثالث رأى ولم يحرك ساكنا، فقضى بقتل القاتل وسجن الممسك مؤبدا، وأن تسمل عينا الرائى(1).
هذا ما وجدناه في كتب الفقه، وفي مطاوي أبواب العبادات والمعاملات، وليس من شك في أن الباحث المنقب سيجد فيها الكثير مما يدخل في هذا الباب، ومهما يكن ففيما ذكرناه كفاية للتدليل على أن الإسلام يتخذ من نجدة الإنسان لأخيه مبدأ من مبادئ التشريع إذا توقف عليها صيانة أمر هام، وإذا لم تستلزم النجدة الإضرار بالمنجد. وقوانين البلاد العربية لا تعترف بهذا المبدأ كقاعدة عامة، لأن القانون كما قال الدكتور حومد في كتاب " الحقوق الجزائية العامة " " لا يفرض على الناس التعاون والتعاضد " ومع ذلك وردت مادة أو أكثر في بعض هذه القوانين تتضمن النص على عقوبة الممتنع، فقد نصت المادة 498 من قانون العقوبات اللبناني على ان من طرح أو سيب ولدا دون السابعة من عمره، أو أي شخص يعجز عن صيانة نفسه عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة. وإذا طرح الولد أو العاجز. أو سيب في مكان قفر عوقب من سنة إلى ثلاث سنوات " ونصت المادة 755 من قانون العقوبات السوري على " فرض غرامة تتراوح بين خمسة ليرات على كل شخص يستنكف أو يتواني دون عذر عن الإغاثة، أو إجراء أي عمل أو خدمة يطلبها منه رجال السلطة عند حصول حادث أو غرق أو فيضان أو حريق أو عند الجرم المشهود أو الاستنجاد " (2).
وهذه المواد، كما ترى، تنص على موارد خاصة، ولا تتعرض للتعاون كمبدأ عام كما هي الحال في الشريعة الإسلامية. وقد رأيت القانون الفرنسي اقرب القوانين الحديثة التي اطلعت عليها إلى الفقه الإسلامي، حتى كأن رجال القانون الفرنسيين قد نقلوا عن فقهاء المسلمين، جاء في المادة 63 من قانون الجزاء الفرنسي:
ــــــــــ
(1) قال صاحب المسالك في باب القصاص: عمل الشيخ بهذه الرواية وتبعه الأصحاب.
(2) الحقوق الجزائية العامة لحومد ص 157.