/صفحة 146/
المسئولية السلبيَّة في الشّريعَةِ الإسلامية
وبَعضْ القوانين
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد جواد مغنيه
رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا ببيروت
ـــــ
رجل رأى أعمى يكاد يتردي، أو غريقا أوشك أن يبتلعه الماء، أو رأى أية نفس مصونة الدم، في سبيل التهلكة، وهو قادر على إسعافها وإنقاذها، ومع ذلك أهمل ولم يفعل، فهل يكون مسئولا ؟.
أيضا رجل رأى سارقاً يأخذ محفظة نقود لآخر، أو رأى المحفظة تسقط من صاحبها، ولم ينبهه إلى ذلك، فهل يكون مسئولا ؟ أي هل الترك في هذه الأمثلة، وما إليها يعد جريمة ؟
ولكي يتضح الجواب نمهد بما يلي:
1 ـ إن المسئولية تارة تكون أدبية لا يترتب عليها تعويض مالي، كمن عق والديه بترك زيارتهما، أو كالمغرور والمرائي أو المتكبر، أو كالذي يتحدث عن نفسه، ويلفق عنها الحكايات ليظهر شخصيته، فهؤلاء ومن إليهم مسئولون أمام الله والضمير، وغير مسئولين أمام القانون، أما في الشريعة الإسلامية فللحاكم أن يعزرهم بما يراه من التوبيخ أو غيره، كما سنشير إلى ذلك، وأخرى تكون المسئولية " مادية " ونريد بها المسئولية التي يترتب عليها التعويض المالي والعقاب الدنيوي معاً، كمن سرق مال غيره، فانه يعاقب من أجل السرقة، لأنها ضرر يصيب المجتمع، ويخل بالأمن، ويحكم عليه أيضاً برد المسروق مع بقائه، أو رد عوضه مع التلف، وتشمل هذه المسئولية أيضاً الحكم بالتعويض المالي فقط، كمن كسر إناء غيره دون قصد واختيار.
2 ـ تتفق الشريعة الإسلامية مع الشرائع الحديثة على أنه " لا جريمة بلا نص " أي أن الإنسان لا يسأل عما يفعل إذا لم يرد نهي عن الفعل، ولكن فقهاء الإسلام