/صفحة 145/
في وسط هذه الامواج العاتية من تعظيم العنصر العربي وتفخيم شأنه وتصغير الأمم الأخرى عرضت مسألة الكفاءة في النكاح للفقهاء من الفرس فقالوا ما قالوا من أن المولى ليس كفؤا للعربية.
وليس قولهم هذا إقرارا بنزول الأمم عن العرب وإنما هو مراعاة للعرف والعرف محكم، وقد جرى العرف بأن يعير أولياء المرأة إذا زوجت من مولى.
وقد وقعت في أوائل هذا القرن قضية السيد على يوسف وقد تزوج السيدة صفية بنت عبد الخالق السادات فطعن أبوها في هذا الزواج لأنها ابنتة قرشي هاشمي والزوج من عامة المسلمين فحكم بالتفريق بينهما على مذهب أبي حنيفة ولم يشفع له أنه بلغ منزلة من الشرف والنفوذ حتى كان من مشيري الوالي في مصر وقد ادعى النسبة في بني هاشم ولكنه لم يقدر على الإثبات.
ونحن نرجح مذهب مالك والحسن البصري وغيرهما من الفقهاء في أن المسلمين بعضهم أكفاء لبعض ولا يتميز فيهم جنس عن جنس لأن ذلك هو الموافق للمساواة وهي الأصل الثابت الذي جاء به الإسلام وحرص على إذاعته والتمسك به حتى أن عمر رضي الله عنه لم يشأ أن يقبل فيه استثناء حين لطم جبلة بن الأيهم أعرابيا فقال عمر: الحكم القصاص، فقال جبلة كيف وأنا ملك وهو سوقة ؟! فقال عمر: إن الإسلام سوى بينكما، فقال انظرني إلى الغد، ثم ارتحل هو ومن معه من بني غسان متنصرين إلى بلاد الروم.
والسنة العملية فيها زواج المولى من العربية فقد ورد أن رسول الله أمر بني بياضة أن يزوجوا أبا هند (مولى لهم) امرأةً منهم فقالوا يا رسول الله نزوج بناتنا من موالينا ؟ فنزل قوله تعالى " يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " وورد أيضا أن أخت عبد الرحمن ابن عوف تزوجت من بلال وهو حبشي وزوج أبو حذيفة بنت أخيه من مولاه وزوج الرسول ابنة عمته زينب بنت جحش من مولاه زيد بن حارثة.
وأرى أن من الخير أن يؤخذ في القضاء بمذهب مالك في هذه المسألة.