/صفحة 138/
في عنبرة وجدها رجل على الساحل يسأله عنها، وعما فيها، فكتب إليه عمر: إنها سيب من سيب الله، فيها وفيما أخرج الله جل ثناؤه من البحر الخمس، وقال عبد الله ابن عباس: وذلك رأيي.
ونرى من هذا أن رأي أبي حنيفة اعتبر المناجم ملكا لمالك الأرض، أو ملكا للدولة أو الواجد على التفصيل الذي أشرنا إليه آنفا، وفي حال امتلاك الأفراد لها فرض عليه ضريبة كبيرة، وهي خمس ما يخرج.
16 ـ ومذهب في المناجم أنها تتبع الأرض، وهو كمذهب مالك الثاني، أي أنها إن كانت مملوكة ملكا خاصاً فهي للمالك ملكية مطلقة، وإن كانت غير مملوكة فهي لبيت مال المسلمين، ولكن يخالفه في هذا الشافعي، فيجعله مملوكاً للواجد، ويتبين الافتراق بين مذهب الشافعي ورأي الثاني في ثلاثة أمور:
أولها: ما ذكرنا من أن الأرض غير المملوكة يكون المعدن فيها على مذهب مالك لبيت المال، وأما عند الشافعي فإن المعدن يكون لمن وجد.
ثانيها: أنه لا فرق عند الشافعي بين ما يستخرج بجهد يسير، وما يستخرج بجهد كبير في معادن الأراضي المملوكة، أما مالك فقد فرق بينهما، فذكر أن ما يستخرج بجهد يسير يكون لبيت المال فيه الخمس، وأما ما استخرج بجهد كبير فلا يكون لبيت المال فيه شيء إلا ما يكون مفروضاً في الأموال المملوكة ملكا مطلقا.
ثالثها: أن الإمام مالكا فرض الزكاة، وهي ربع العشر في معادن الذهب والفضة، ولو لم يمض عليها حول، وذلك فيما إذا كانت المعادن في أرض مملوكة، أما الشافعي فقد أوجب الزكاة في الذهب والفضة، ما داما قد خلصا للواجد أو المالك، ولكن بشرط أن يمضي عام على ملكيتهما في ملك الواجد أو المالك، وروى عن الشافعي رأي كرأي الإمام مالك رضي الله عنهما، وقد جاء في المهذب ما نصه: " ويجب حق المعدن بالوجود، ولا يعتبر فيه الحول في أظهر القولين، لأن الحول يراد لتكامل النماء، وبالوجود يصل النماء فلم يعتبر فيه الحول، وهو يشبه في ذلك العشر، وقال البويطي: لا يجب حتى يحول الحول، لأنه زكاة في مال تتكرر فيه الزكاة، فاعتبر فيه الحول كسائر الزكوات ".