/صفحة 137/
وإن كانت الأرض حرة غير مملوكة كموات الأرض، والفيافي والقفار والجبال، أو في الأرض التي استولي عليها المسلمون عنوة، وبقيت تحت أيدي أهلها بخراجها، فإنه في هذه الحال تكون المعادن كلها لبيت المال، لأن هذه الأراضي تحت سلطان الدولة، وبعضها موقوف على مصالح المسلمين، فما تخرجه يكون للمسلمين أجمعين، لأنه لا ملكية عليها لمن وجد المعدن، والمعدن تابع للأرض.
15 ـ ولنترك مذهب الإمام مالك، وقد علمنا الأقوال فيه، وأرجحُها عندهم هو الأول كما نوهنا، ولننتقل إلى مذهب أبي حنيفة، وهو يقرر أن المعادن قسمان، معادن قابلة للطرق والسحب والانصهار، وهي الفلزات، وهذه يكون لبيت المال خمسها، سواءاً وجدت في أرض مملوكة ملكا خاصاً، أم في أرض عامة، وأربعة الأخماس للواجد، إن وجدت في أرض غير مملوكة، وللمالك إن وجدت في أرض مملوكة، والمعادن غير القابلة للطرق والسحب تكون جزءاً من الأرض تالية لها، فإن وجدت في أرض مملوكة فهي للمالك؛ وإن وجدت في أرض غير مملوكة فهي لبيت المال، ومن الأراضي غير المملوكة الأراضي التي سميت في التاريخ الإسلامي بالأراضي بالخراجية، ومنها أراضي مصر والشام والعراق وفارس، وغيرها من البلاد التي فتحها المسلمون واستولوا على أرضها عنوة، على ما سنبين عند ما نتكلم على الأراضي.
ولقد قرر أبو يوسف أن ما يسْرُدُه البحر من جواهر ولآلئ يكون لبيت المال الخمس فيه، ولنترك الكلمة له، فقد جاء في كتاب الخراج: " وسألتَ يا أمير المؤمنين عما يخرج من البحر من حلية وعنبر، فإن فيما يخرج من البحر من الحلية والعنبر الخمس، وأما غيرهما فلا شيء فيه، وقد كان أبو حنيفة وابن أبي ليلي رحمها الله يقولان: ليس في شيء من ذلك شيء، لأنه بمنزلة السمك، وأما أنا فأرى في ذلك الخمس، وأربعة الأخماس لمن اخرجه، لأنا قد روينا فيه حديثا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووافقه عليه ابن عباس، فقد روى عبد الله بن عباس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل يعلي بن أمية على البحر، فكتب إليه