/صفحة 135/
الأموال التي يجوز امتلاكها:
12 ـ ومع أن الملكية حق شخصي في الإسلام، قد أقره وثبته وحماه، لأنه عطاء من الله سبحانه وتعالى، لم يكن الامتلاك مباحا في كل الأموال بلا قيد ولا شرط، بل من الأموال مالا يقبل الامتلاك، كالمرافق العامة، ونحوها، وقد تردد الفقهاء المسلمون في إثبات الملكية على بعض الأشياء، فمنهم من منع ملكيتها منعاً مطلقا، ومنهم من أباح ملكيتها، وجعل للدولة فيها حقاً كبيرا، ومنهم من أباح ملكيتها بإطلاق، وذلك النوع من الأشياء هو ما يكون مصدر دَرٍّ وفير، ولا يتكافأ ما يأتي به من نفع مع رأس المال الذي ينفق في سبيله، ولا مع الجهود التي تبذل في الحصول عليه، وهذا النوع من المال يبدو في المعادن والأراضي، ولنتكلم في المعادن في هذا المقال:
13 ـ والمعادن ـ هي ما دفن في باطن الأرض بالخلق والتكوين، سواء أكانت فلزات كالذهب والفضة والحديد والنحاس، أم كانت حجرية كالفحم والماس ونحوهما، وسواء أكانت سائلة كالنفظ والزئبق أم كانت جامدة.
وقد اختلف الفقهاء فيها، أهي قابلة للملكية أم غير قابلة، والذين قالوا إنها قابلة اختلفوا في شأنها، ومدى حق ولي الأمر أو الدولة فيها، أللدولة عليها حقوق خاصة ليست كحقوقها في كل الأموال ؟ أم حقها فيها كسائر الأموال ؟ ولنبدأ بشرح الآراء في هذا المقام.
ولنبتدئ بمذهب مالك رضي الله عنه، فهو أقرب المذاهب إلى العقل، وإلى التوزيع الاجتماعي العادل، وإلى ما يجري عليه العمل في هذه العصور.
14 ـ وفي مذهب مالك رأيان بالنسبة للمعادن:
أحدهما: أن المعادن مال لا يقبل الامتلاك، وهي ملك للدولة، وقد يعطي ولي الأمر حق الاستخراج لمن يشاء، ويرى في إعطائه منفعة المسلمين، ويسمى ذلك إقطاعا، وهو إقطاع منفعة، لا إقطاع ملك، ولقد أقطع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبلال بن الحارث الهلالي المزني معادن من معادن أرض على ساحل البحر