/صفحة 130/
أم يتجه إلى بناء مجتمع قوي تندغم فيه الآحاد اندعاماً، وفي سبيل تكوينه تندمج الحقوق الشخصية في ضمن الحق العام للمجتمع.
إن المستقرئ لنصوص القرآن والسنة، يجدها تصرح بحق الملكية للآحاد، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه "، ويقول عليه السلام: " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " وإن طلب الإنفاق في الشدائد والحروب يزكي أن الإسلام يعتبر الملكية حقاً شخصياً، ومن ذلك قوله تعالى: " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء، والله واسع عليم " وقد جعل سبحانه وتعالى ملكية الأموال ثمرة كسب الآحاد، وإن كان العطاء كله من الله سبحانه وتعالى، فهو تعالى يقول: " يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم، ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون، ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه، واعلموا أن الله غني حميد " وإن الله قد سمى الإنفاق في سبيل الله قرضاً حسناً لله سبحانه وتعالى ليكون العوض أجزل، مع أن الكل من الله، واليه سبحانه ترد الامور، فقد قال تعالى في الحث على الإنفاق: " من الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة، والله يقبض ويبسط واليه ترجعون ".
7 ـ وإن ظواهر هذه النصوص بلا ريب تفيد أن الإنسان يملك الأموال بمقتضى حق شخصي آحادي، وإن كان ذلك يستمده من أمر الشارع الإسلامي، ولا يمنع ذلك أن يكون المالك ملكية مطلقة حقيقية هو الله سبحانه وتعالى.
ولقد وجدت أحوال خاصة كان التشديد في طلب الإنفاق فيها يبلغ درجة سلب الملكية عن مالكها، وذلك في حال السفر، وعند ما يكون المسلمون في ميدان القتال، يروي في ذلك أبو سعيد الخدري حال النبي في سفر وشدة فقال: " كنا في سفر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، ومن كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، وأخذ يعدد من أصناف الأموال حتى ظننا أن ليس لنا من أموالنا إلا ما يكفينا ".