/صفحة 13 /
"و الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفساًإلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون" وأمام هذه الأساليب -. كلها يدل على معنى العلية والسبية -لا نستطيع أن نقول إن العمل لا دخل له في الجزاء. وقد رأت طائفة أن المؤمن لا يجب له بعلمه وطاعته ثواب، ويذكرون في ذلك: أولا: الحديث المروى في الصحيحين: "لن يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولاأنت يا رسول الله؟ قال: ولاأنا، إلا أن يتغمدنى الله برحمته". وثانياً: أن الطاعة إنّما حصلت بفعل الله، ولا يوجب فعلالله على الله شيئاً. وثالثاً: أن نعم الله على العبد لا تعد، وهي توجب الشكر، فهذه الطاعات قد وقعت في مقابلة النعم، فيبقى الثواب من غير مقابل. وهكذا استدلوا على إبطال شيء أثبته القرآن بأساليب مختلفة في آيات متعددة، وهي نظريات نشأت من الخلط بين مايجب لكونه من مقتضى الحكمة الإلهية ا لتى لا يمكن أن يتخلف حكمها، وبين ما يجب عل ى الله بمعنى أن موجباً أوجبه عليه وألزمه به، والوجوب إذا كان معناه عدم التخلف لاقتضاءالحكمة إياه، لا يقال فيه ذلك وحصول الطاعات لاينكر أحد أن للعبد دخلا فيه، أقله توجيه العبد اختياره الصالح للطرفين إلى أحدهما بعينه. ولاطاعات وجبت بإيجاب مستقل عن النعم التي كانت بمحض الجود الإلهى الذي لا يطلب له مقابل. أما الحديث فمعناه: أن هذا الجزاءالذي يحصل عليه الطائع ليس بدلا مماثلا لطاعته، وليس جزاءًمساوياكالشأن بين البدلين، وإن كانت الطاعة هي التي أوجبته وتسببت الله عظيم سابغ باعتبار جعله الجنة بدلا من عمل محدود قليل لايطاولهما، ولايقابلها في ذاته. مخاطبة أهل الجنة لأهل النار تبكيتاً لهم وتسجيلاعليهم: بعد هذا نرجع إلى بقية الآيات لنرى بقية المشاهد: