/صفحة 14 /
يقول الله عزو جل: "ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟قالوا نعم، فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين، الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون". و. صحاب الجنة يريدون بما وعدهم ربهم الجنة نفسها ومافيها من نعيم مقيم، وقد جاءالوعد بذلك في مثل قوله تعالى: "أعدت للمتقين"، "مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماءغير آسن"، "و بشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات". ويريدون بقولهم لأهل النار: "فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا"النار ومافيها من العذاب، وإنما لم يصنف الوعد إلى أهل النار، لأنه تبين أنهم لم يكونوا محلا لهذا الوعد، فسألوهم عن الوعد المطلق الموجه في ا لدنيا إلى الناس كافة، وهذا بناء على أن الوعد خاص بالخير، وكذا يصح على أنه عام في الخير والشر، ويكون المعنى: هل وجدتم ما وعد ربكم المؤمن والفاجر حقا، وهو ما يدل عليه حذف المفعول. وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد "أوعدكم" وإنما عبر بالوعد للمشاكلة، وحذف المفعول إيذاناً بانحطاط درجتهم عن النخاطبة. وقد جا ء الوعد متعلقاً بالشر في قوله تعالى: "الشيطان يعدكم الفقر"و قوله: "هذا ماوعدالرحمن" إشارة للبعث، وخُرِّج كل ذلك على التهكم في الأول، والمشاركلة في الثاني، والتغليب في الثالث. وفي قوله تعالى: "فأذن مؤذن بينهم" نُكر المؤذن لأن معرفته غير مقصودة، بل المقصود الإعلام بما يكون هنا لك من الإعلام، ولم يرو عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم شيء فيه، وهو من الغيب الذي لا يعلم إلا بالوحى القطعى. وفي هاتين الآيتين تعرض السووة لمرحلة أخرى من مراحل العذاب، وهي نداءأصحاب الجنة لأصحاب النار نداء يسجل عليهم الخزى والنكال، ويشعرهم بالحسرة والندامة، إذكذبوا بما يرونه الآن واقعاًفي مقابلة النعيم الذي صار إليه أهل الإيمان، وأحسوا به ذلك واقعاً.