/صفحة 12 /
على هذا الاعتبار جاءالتعيبر بالإرث في حصول المؤمنين على الجنة، ولعل هذا يفسر ما يروى في هذا المقام من أنه ليس من مؤمن ولاكافر إلا وله في الجنة منزل، فإذا گخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ودخلوا منازلهم ;رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها، فقيل لهم: هذه منازلكم لو كتنم عملتم بعمل أهل الجنة، رِثوهم بما كتنم تعلمون فيقتسم أهل الجنة منازلهم. على أن لفظ "الميراث" يلمح منه معنيان: الأول: عظم المال الذي يصير إلى الوارث دون عناء ولا مشقة، وهذا شأن الجنة، تصير إلى أربابها بدين كله يسر وسهولة، يأتى العسر والتشدد، وفي التمليح إلى ذلك تقول الآية: "لا نكلف نساًإلا وسعها". والمعنى الثاني: صيرورة هذا المورث إلى الوارث دون منازع، وهكذا تنال الجنة، يتمتع كل مؤمن بمنزلة فيها دون أن ينازعه أحد. ومما قيل في المعنى المراد هنا، ما ذكره الإمام الرازى من أن المراد بقوله تعالى: "أورثتموها" صارت إليكم، كما يصير الميراث إلى أهله، والإراث قد يستعمل في اللغة، ولا يراد منه زوال الملك عن الميت إلى الحى، كما يقال: هذا العمل يورثك الشرف، أى يصيرك إليه. هل يدخل الناس الجنة بأعمالهم أو بمحض الفضل الإلهي: ثالثاً: التعبير بقوله: "بما كنتم تعلمون" يدل على أن العمل سبب في الحصول على الجنة. وكما جاء التعبير في هذا المقام بالباء الدالة على السببية ;جاء التعبير في آيات أخرى باللام الدالة على الملك "الذين اتقوا عند ربهم جنات تجرى من تحتها الأنهار" وجاء التعبير في آيات أخرى بأنها جزاء وأجر "و جزاهم بما صبروا جنة وحريرا"تجرى من تحتهم الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العالمين." وكثيراً ما يجىء إثبات الجنة لموصوفين بوصف الإيمان والعمل الصالح، وهذا أسلوب يدل على عليِّه الوصف لنيل الجزاء، ومن ذلك قوله تعالى في آيتنا هذه: