/صفحة 120/
الجنة، انظر قولهم للمستكبرين: " ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون "، " أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة " فإن هذا كلام لا يصدر إلا من أرباب المعرفة الذين اطمأنوا إلى مكانتهم.
أما قوله تعالى: " لم يدخلوها وهم يطمعون " فليس حديثاً عنهم، ولكن عن أهل الجنة.
ولذلك أرجح أن رجال الأعراف هم عدول الأمم، والشهداء على الناس، وفي مقدمتهم الأنبياء والرسل، وقد جاء التصريح بهؤلاء في كثير من الآيات، مثل قوله تعالى:
" فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ".
" وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ".
" وأشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون ".
وهنا قد يسأل بعض الناس فيقولون: إن كل آيات القرآن تجعل الناس فريقين، فريقاً في الجنة، وفريقاً في السعير، فما بال هذه الآيات تجعل الناس فرقا ؟.
وبالتفسير الذي فسرناه يعلم أنه لا محل لهذا السؤال، إذ ليس معنا إلا فريقان، فريق الجنة، وفريق السعير، نعم من فريق الجنة هؤلاء الذين خصوا بهذه المنزلة.
وقد يسأل بعض الناس سؤالا آخر فيقولون: إذا كانت الجنة في السماء، والنار في الارض ـ كما يقولون ـ فكيف يمكن أن يبلغ هذا النداء ؟ أو كيف يصح أن يقع ؟
وأجاب عنه بعض المفسرين بأن الله قادر على أن يقوى الأصوات والأسماع فيصير البعيد كالقريب، وبأنه يحتمل أن الله يجر إحدى الدارين إلى الأخرى، إما بإنزال العليا، أو برفع السفلى.
وإني لأعجب من مثل هذه الأسئلة وأجوبتها، فكأن هؤلاء قد علموا المواقع