/صفحة 119/
بسور له باب، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب "، وأن الأعراف أعالي ذلك السور، مأخوذ من عرف الديك، أو عرف الفرس.
ومن قائل إن الأعراف هي شُرَف الصراط.
ومن قائل إن المقصود بالأعراف جبل أحد، ويذكرون فيه حديثا " إن أُحداً جبل يحبنا ونحبه، وإنه يوم القيامة يمثل بين الجنة والنار، ويحبس عليه أقوام يعرفون كلا بسيماهم، هم إن شاء الله من أهل الجنة " وحديثاً آخر " إن أحُداً على ركن من أركان الجنة " وحديثاً ثالثاً " أحدٌ جبل يحبنا ونحبه، وإنه لعلي ترعة من ترع الجنة ".
ومن قائل إن رجاله هم الملائكة، أو الانبياء، أو عدول الأمم الشهداء على الناس، أو العباس وحمزة وعلي وجعفر، أو أهل الفترة، أو الذين تستوي حسناتهم وسيئاتهم. . . إلى غير ذلك من الأقوال التي نراها في كتب التفسير.
والذي يجب علينا أن نقف عنده هو: أن هناك حجاباً بين الجنة النار، قد يكون ماديا، وقد يكون معنويا، والله أعلم بحقيقته، والمقصود أن بين الجنة والنار ما يحجز بين الفريقين، وأن هذا الحجاب الحاجز لا يمنع من وصول الأصوات عن طريق المناداة، وأن هناك مكانا ـ أو مكانة ـ له صفة الامتياز والعلو، وأنه يكون على هذا المكان رجال لهم من المكانة والمنزلة الرفيعة ما استحقوا به عند الله أن يكونوا في هذا المكان أو تلك المكانة، مشرفين على هؤلاء وهؤلاء، ينادون كل فريق بما يناسبه: يُحيّون أهل الجنة، ويبكتون أهل النار.
وإنما رجحت أنهم ليسوا من الملائكة لقوله تعالى: " رجال " وهو تعبير لم يعهد عن الملائكة، وهو يوحي أيضاً بأن أصحاب الأعراف على صفة ممدوحة، ولهم منزلة مرموقة، على حد قوله تعالى: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ".
وليس أصحاب الأعراف ممن تساوت حسناتهم وسيئاتهم كما جاء في بعض الأقوال، لأن ما نسب اليهم من الأقوال لا يتفق مع انحطاط منزلتهم عن أهل