/ صفحه 91/
أطلق على نفسه لقب أمير وراثي على معظم بلدان البلقان (منها صربيا وبوسنة وتراقيا وبلغاريا) فانتهت به خيالاته إلى سجن بقي فيه 22 سنة إلى مماته. ولم يكتف الملك لبوبولد بمن قد توطن في بلاده من الصرب فعرض على البطريرك الصربي آرسن تسرنوبفيتش أن يأتي بكل من يشاء من قومه إلى البلاد الهنغارية فاستجاب البطريك إلى طلب الملك فانتقل بما يقرب من (40) ألف عائلة صربية سنة 1690 فانتشروا في المقاطعات الجنوبية لنغاريا وهي السهول الخصبة في شمال يوغوسلافيا الحالية أو عسكروا في المخيمات يغرهم الأمل في طرد الأتراك من البلقان، وإذا علمنا أن الأتراك كانوا يسمحون للصرب وغيرهم من الأرثوذكس في البلقان بالهجرة إلى بوسنة لاحتياجهم إلى أيد عاملة في الزراعة وغيرها من الأعمال بحيث أصبح الأرثوذكس أقلية قوية في بوسنة، أمكن تصور الخطر البالغ على مسلمي بوسنة من تطويقهم بالأرثوذكس ومزجهم بهم، فكما أن توطين هؤلاء الصرب كان مصدر متاعب كثيرة للسلطات الهنغارية والسكان الأصليين في هنغاريا، فكذلك كان استيطانهم في البلاد المجاورة لبوسنة مصدر شر مستطير لحدودها فقد أصبح النهب والسلب والاشتباكات والمبارزات جزءاً من الحياة اليومية فيها عبر البشانقة عن هو له بقولهم المأثور: KRVAV RVCAK KRVAVA VE CERA (طعام الغذاء وطعام العشاء كلاهما ملطخ بالدم) كما أنهم حفظوا في أغانيهم الشعبية شيئاً كثيراً من وصف جحيمه، فهناك أمهات باكيات على فلذات أكبادهن وهناك أخوات يذرفن الدموع وهن يضمدن جروح إخوتهن ويغسلن ملابسهم المضرجة بالدم.
المسألة الشرقية ابتداء من القرن الثامن عشر:
من المعلوم أن المسألة الشرقية أصبحت منذ بداية القرن الثامن عشر مسألة إبقاء الولايات الأوروبية التركية أو توزيعها فهي إذن مسألة وجود الدولة العثمانية نفسها في أوربا، وبسبب تفاوت نزعات الدول الأوربية وتضارب مصالحها فقد تأخر الحل النهائي لهذه المسألة بتجريد تركيا من جميع أملاكها في أوربا إلى الحرب العالمية الأولى.