/ صفحه 90 /
الوضع السياسي لبوسنة وهرسك إلى حركة تمرد الأرثوذكس فيهما:
والوضع السياسي لبلاد بوسنة وهرسك قبل الفتح العثماني أنها كانت إمارة ثم مملكة لها من الاستقلال والسيادة مثل ما لجارتيها صربيا وكرواتيا في ذلك الزمان، كما أنها في بعض الفترات كانت كغيرها من دويلات البلقان تخضع للسيادة الأجنبية إلى أن أصبحت كلها ولايات أوربية للسلطنة التركية.
ولما بدأ الضعف يتسرب إلى تركيا وأخذ أعداؤها ينقصونها من أطرافها إلى أن أصبحت بوسنة أقصى ولاية تركية في أوربا بدأت الكوارث تتتالي على مسلمي بوسنة وهرسك، وفي سنة 1689 أصيب المسلمون في بوسنة بأشد نكبة في عهد تركيا فقد أغار عليهم الأمير النمساوي أوغن فون سافوي فدرم البلاد وأحرقها وقتل وسبى خلقا كثيراً من البشانقة.
وفي أوائل القرن الثامن عشر انسلخت الولايات المتاخمة لبوسنة شمالا وغربا من السيادة التركية فقام قساوسة الكنيسة الكاثوليكية (لوكا ابريشيموفيتش في سلوفينيا وماركو ميشتيتش فليلكا) بتدبير الاعتداءات على حياة مسلمي تلك الأقطار الذين يأبون الارتداد عن دينهم فالتجأ كثير منهم إلى بوسنة. كما أنه كان من تعصب الصرب الديني فيما بعد أن تقرر طرد جميع المسلمين من إقليم صربيا سنة 1862 فالتجئوا إلى بوسنة وسنجق نوفي بازار. ومن أسباب نكبات مسلمي بوسنة أن ملوك النمسا والهنغاريا رأوا تقوية الجبهة ضد تركيا بتطويق بوسنة من جهة الشمال والغرب بعناصر أرثوذكسية، فقد استقدم الملك رودلف (1576 ـ 1612) جماهير كبيرة من الصرب الأرثوذكس ووطنهم في كرواتيا فيما بين نهري أونا وكولبا:
وبما أن ملك النمسا والهنغاريا ليوبولد الأول (1657 ـ 1705) كان يمني نفسه بالاستيلاء على معظم البلاد في البلقان فقد عمل على تهييج السلافيين في تركيا ليتمردوا عليها، ثم عرض على الصرب أن يهاجروا إلى بلاده بشروط مغرية منها الاستقلال في شئونهم الدينية وإعفاؤهم من دفع عشر المحصولات للدولة فانتقل كثير منهم إلى هنغاريا، ولكن مطامع زعيمهم جورج برانكوفيتش تجاوزت كل حد معقول حين