/ صفحه 9/
وما وقع منهم تكذيب، وما قابلوا به الرسل من إعراض: " قد جاءت رسل ربنا بالحق، فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل ".
وفي رسالة محمد على وجه خاص، جاء قوله تعالى في أول السورة: " كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين ".
وقوله: " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ". وقوله: " يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض، لا إله إلا هو يحيى ويميت، فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي، الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ". وقوله: " إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون ". وقوله: " قل إنما أتبع ما يوحى إلى من ربي، هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ".
* * *
هذا هو مقصد سورة الأعراف، وهو كما قلنا مقصد كل السور المكية، وقد أجملت السورة دعوتها إلى هذه الأصول، والى كل ما تضمنه القرآن الكريم في آية واحدة، جاءت في أولها، ووجه فيها الخطاب إلى كل من يصلح للخطاب، مشتملة على الأمر بالجانب الإيجابي وعلى النهي عن الجانب السلبي، وهي قوله تعالى: " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء " طلبت اتباعهم ما أنزل إليهم ممن تولى تربيتهم، خلقاً وتنمية، وإرشاداً وهداية، وقد شمل ذلك العقائد والأخلاق والأعمال، ونهت عن اتخاذ أولياء من دونه سبحانه، يرجعون إليهم في التحليل والتحريم، أو يقصدونهم بالعبادة والتقديس، أو يعتمدون عليهم في الشفاعة والمغفرة، وهذا مجمل الدعوة، وقد مهدت السورة لهذا الإجمال بالإرشاد إلى عظمة هذا الكتاب الذي احتواها، والى الغاية التي لأجلها أنزل، والى ما يجب على الرسول أن يتذرع به ليقوم بالمهمة التي ألقيت عليه: " كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين " والعبرة من ذلك أن الداعي إلى الله، والقائم على نشر دينه وأحكامه، يجب أن يكون قوى القلب في تحمل مهمته،