/ صفحه 81/
جعل ترسه الذي يدرأ عنه الرقباء والأعداء ليفلت من مأزقه ثلاث فتيات: اثنتان بدا ثديهما للنهود، وثالثة دخلت عصر شبابها.
إن هذا استهتار من القرشين وعدم اكتراث بما ينشر من غزله، فقد لقيت منه ربات الحجال العنت وتزيين الفسوق والعصيان، وهو في هذا المثل أخلع الخلعاء، ففيم يضرب هذا المثل إن أريد محاكاة المورد على غرار قصته ـ ولقد ساقه متهكما يزيد بن معاوية لما أراد أن يوجه جيشا إلى المدينة المنورة بقيادة مسلم بن عقبة المرى لخلع أهلها له بعد ما بلغهم أنه لا دين له: يشرب الخمر، ويعزف بالطنابير، ويلعب بالكلاب، فاستعرض الخميس ومر عليه شامي معه ترس قبيح، فقال: يا أخا أهل الشام مجن ابن أبي ربيعة أحسن من مجنك، فاستبدل به مجنا يتقي به ما يصوب عليه حقا. نزل الجيش بالمدينة فكانت واقعة الحرة المشهورة التي انتهكت فيها المدينة وأسرف مسلم فيما فعل بها من قتل وأسر واستباحة، حتى وسم عند الحجازيين بالمسرفن والذنب كله على يزيد الذي تمثل عند وصول هذه الأنباء المحزنة المخزية بقول ابن الزبعري:
ليس أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل (1)
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر ـ فإن السهم قبل أن يراش يسمى عندهم قدحا ـ والقداح جالت عند العرب في لعبتهم (الميسر)، وكثر ما استفاض الحديث عنها في الكاسب والخاسر، واشتهر منها بالفوز في الغنيمة قدح عرف به صاحبه ونعته حتى ضرب به المثل، لكن في الجد لا الهزل كسهم النميري، ذلك هو:
قدح ابن مقبل:
هذا هو السهم الذي يضرب في حسن الأثر والإصابة الحقة، لقد كتب عبد الملك ابن مروان إلى الحجاج بعد أن قضى على الفتن وأخضع الثائرين، ومكن لعبد الملك من بسط نفوذه في البلاد الإسلامية عراقيها وحجازيها بعد شاميها، يقول:
" أنت عندي قدح ابن مقبل ".
ــــــــــ
(1) البيت من قصدية قالها ابن الزبعري في يوم أحد تشفيا لما وقع يوم بدر، فتمثل به يزيد شماتة بالمدنيين وفرحا بما صنعه مسلم.