/ صفحه 80/
2 ـ سهم النميري:
النميري شاعر أموي أهوج كذاب اختلق هذه الخرافة لسهمه من حمقه وخرقه. وإني لناقلها لكم عن ابن قتيبة في ترجمته: " قال ذات يوم عن لي ظبي فرميته، فراغ عن سهمي، فعارضه ـ والله ـ ذلك السهم، ثم راغ، فراوغه السهم حتى صرعه ببعض الخبارات، وقال أيضا رميت ـ والله ـ ظبية، فلما نفذ السهم عن القوس ذكرت بالظبية حبيبة لي، فعدوت وراء السهم، حتى قبضت على قذذه (1) ".
وفي الجزء الخامس عشر من الأغاني تفصيل وزيادة في افتراءاته لأنه كان أصيب بالصرع، ونقل بعضه في الخزانة البغدادية الشاهد التاسع والثلاثين بعد الثمانمائة.
لم يتناول الناس سهم النميري إلا على سبيل التندر المستملح لقصد الفكاهة والاسترواح، إذ لا سبيل إلى الاعتراف بوجوده فضربوا به المثل في السهم الذي لا ينجو منه الصيد مهما حاد وزاغ. وما أبدع الاشارة إليه من ابن نباتة المصري في الغزل وأن سهم ألحاظ الحبيب شبهه، فهو في شركه قنيص لا أمل في خلوصه منه. إذ يقول:
وبديع الجمال لم ير طرفي مثل أعطافه ولا طرف غيري
كلما حدت عن هواه أتاني سهم الحاظة كسهم النميري
لئن كان النميري مأفوناً ذا لوثة في عقله إن ابن نباتة أملي عليه تبل الحب في سهمه تلك الصورة التي يحسها كل واله دنف.
وإنه ليضاهي النميري عمر بن أبي ربيعة في مجنه المشهور مع فرق بينهما، فسبيل ابن أبي ربيعة الدعابة لا الختل.
مجن ابن أبي ربيعة:
يقول عمر:
وكان مجني دون من كنت أتقى ثلاث شخوص كاعبان ومعصر (2)
ــــــــــ
(1) الخبارات: جمع خبار وهي ما استرخى من الأرض، والققذ: جمع قذة وهي ريش السهم.
(2) البيت من القصيدة الطويله المشهورة التي حفظها ابن عباس رضي الله عنه بمجرد سماعها منه مرة أمام نافع الأزرق في مسجد المدينة وكان ذلك مثار إعجاب نافع بحافظته، بعد عتابه على إصغائه لعمرو انصرافه عنه لما ان كده في أسئلة كثيرة قائلا: إنه يقول سفها إذ أنه أنشد كدا فرد عليه بتصحيح البيت، فقال نافع: ما رأيت أروي منك قط، الكامل 5: 166.