/ صفحه 78/
ومن طريف ما يروي: أن عروة بن حزام العذري، وكان يهوي ابنة عمه عفراء، وحال بينهما القضاء، خرج ذات يوم فلقى حماراً عليه امرأة، فقيل له: هذا حمار عفراء، فقال:
يا مرحباه بحمار عفراء إذا أتى قريته بما شاء
من الشعير والحشيش والماء
قال ابن يعيش: " رحب بحمارها لمحبته لها، وأعد له الشعير والحشيش والماء، ونظير معناه قول الآخر:
أحب لحبها السودان حتى أحب لحبها سود الكلاب " (1)
لقد استشهد النحاة بهذا اللقب، فمثل به ابن الناظم في شرحه على ألفية والده في العلم، وكذا الرضى على الكافية، غير أن الرضى مثل به للقب الذي يشعر بالضعة، ولعل فوات الحقيقة على الرضى ناشئ مما يبدو لأول وهلة فيه، وعدم عنايته بالوقوف على أصله الذي ورد عليه، وقد عرفت شأنه بما تقدم فيه، نعم مثل به الأشموني في تابع المنادي لعطف البيان، وفي هذا البيان مقنع كاف عن (عائد الكلب).
وإنه ليحسن الاستطراد للقب شبيه بهذا اللقب، حتى تشابها على كثير من الممارسين للعربية، مع أنهما متغايران مبنى ومعنى، وإن حاز الثاني شهرة بين النحاة، بل ربما أربت شهرته عن الأول، ذلك هو:
ذو الكلب:
أطلق هذا اللقب في الجاهلية على " عمرو بن العجلان الهذلي " لأنه اتخذ كلباً لازمه في غدواته وروحاته، حتى عرف بين العشيرة أنه ذو الكلب، وما أدري أكان للصيد أم للحراسة؟ وليس في هذا منقصة ولا مذمة، فكان عمرو وآله راضين عنه، ومغتبطين به، ولما قتل رثته أختاه أو أخواته بمراثي تمزق نياط القلوب، وفي بعضها التنويه بهذا اللقب، فمن مرثية أخته: جنوب أوريطة:
أبلغ هذيلا وابلغ من يبلغها عني حديثاً وبعض القول تكذيب
ــــــــــ
(1) مبحث هاء السكت 9: 47 في شرح المفصل.