/ صفحه 65/
المثقفين المحدثين حيناً، ثم خفت الصوت أو اختفى، ذلك أنه يرى الخير في وضع " نحو " يساير اللهجات العامية الإقليمية مستمداً من المذاهب والآراء النحوية القديمة، فلمصر " نحو " مقتبس من الآراء واللهجات العربية القديمة التي تقارب عاميتها، ولسورية ولبنان والحجاز واليمن " نحوها " كذلك، بل لكل إقليم من تلك الأقطار نحوه الخاص به السالف إن أمكن. فإذا كان المصريون يتكلمون في عاميتهم هكذا عن الأسماء الخمسة من حيث إعرابها بالواو في سائر أحوالها فيقولون:
محمد حضر أبوه من الحجاز، وقد رأيت أبوه مسروراً بما تم له من ذلك، فقلت لأبوه: حدثنا عن رحلتك ـ وجب عند وضع النحو المصري أن نراعي حالتهم العلمية فنختار لهم المذهب أو اللهجة التي تلزم الأسماء الخمسة الواو دائما. وهكذا باقي المسائل، في مصر وفي غيرها من سائر الأقطار الناطقة بالضاد.
ولا شك أن هذا رأي فطير لما فيه من تعدد القواعد النحوية بتعدد الأقطار بل بتعدد الإقاليم في القطر الواحد فتنقطع الصلات القديمة والحديثة بينهما كما أشرنا. فوق ما فيه من تجدد العامية وتغيرها بتغير العصور مما يقتضي وجوب تغيير نحوها كذلك دائماً.
ولا يفوتنا أن نذكر بهذه المناسبة أمراها ما جليل الشأن هو أن الخلاف وكثرة المذاهب النحوية، معيب ضار في كل ما يثير بلبلة واضطرابا على الوجه الذي أوضحناه خاصاً بالحركات وضبط حروف الكلمة ضبطاً نحوياً. أما الخلاف في متن الكلمة نفسها وما يتصل بذاتها من حيث وجودها عند قبيلة وعدم وجودها عند أخرى أو وجودها ولكن بصورة فيها مغايرة وبعض تباين فإنه خلاف نافع إذ يزيد ثورة اللغة ويوسع دائرتها ويفسح في المجال أمام الناطق والكاتب فيجد ألفاظ كثيرة وذخيرة وافية من الكلمات.