/ صفحه 429 /
وهكذا كل زوجية عقدها رسول الله لنفسه كان لها هدف شريف، ويمكن معرفة ذلك على وجه أكثر تفصيلا بالرجوع إلى كتب السيرة ونحوها.
7 ـ وينبغي أيضاً ألا يغيب عن البال أن كلامنا فيما مر إنما يرجع إلى الشرط الأول من الشرطين اللذين اكتنفا إباحة التعدد، وهو قوله تعالى في أول الاية: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " أما الشرط الثاني، وهو قوله تعالى في آخر هذه الاية " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " فهو في موضع الإجماع بين جميع العلماء، فلا يجوز لمن خاف عدم العدل بين الزوجات ان يقدم على التعدد.
وسيأتي لذلك مزيد بيان.
* * *
وبذلك يتبين:
1 ـ أن تعدد الزوجات إنما شرع لمثل هذه الغاية الشريفة، التي هي الرغبة في القيام لليتامى بالقسط، تحقيقاً لأمر الله، ورعاية لمصلحة اليتامى أنفسهم، وأنه ليس مشروعاً لمجرد إرضاء النفس، وتحقيق دواعي الرغبة في النساء.
2 ـ وأنه بهذا التفسير ليس غريباً عن موضوع اليتامى. ولا دخيلا في أحكامهم، فإنه ذكر حلا لمشكله من مشكلاتهم في المجتمع، حين تقضي المصلحة بأن يقوم عليهم وصى بالقسط، وتقضي الآداب الإسلامية بأن يتحرج الرجل من الالتقاء بمن هنَّ أجنبيات عنه.
3 ـ وأنه يمكن القياس على هذا الغرض، فيباح التعدد إذا دعا داع إليه، ويمنع إذا لم يكن له داع يشبه ما ذكره القرآن الكريم من إقامة القسط في شأن اليتامى.
4 ـ وأن هذا الشروط ـ مع توخي الغاية الشريفة ـ بأن يأمن الزوج عدم الجورن فإذا خاف الجور وجب عليه ألا يعدد.